فيه دعا ابنه يزيد فقال يا بني إني قد كفيتك الشد والترحال ووطأت لك الأمور وذللت لك الأعداء وأخضعت لك رقاب العرب وجمعت لك ما لم يجمعه أحد فانظر أهل الحجاز فإنهم أصلك وأكرم من قدم عليك منهم وتعاهد من غاب وأنظر أهل العراق فإن سألوك أن تعزل عنهم كل يوم عاملا فافعل فإن عزل عامل أيسر من أن يشهر عليك مائة ألف سيف وانظر أهل الشام فليكونوا بطانتك وعيبتك فان رابك من عدوك شيء فانتصر بهم فإذا أصبتهم فاردد أهل الشام إلى بلادهم فإنهم إن أقاموا بغير بلادهم تغيرت أخلاقهم؛ وإني لست أخاف عليك أن ينازعك في هذا الأمر إلا أربعة نفر من قريش الحسين بن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر فأما ابن عمر فإنه رجل قد وقذته العبادة فإذا لم يبق أحد غيره بايعك وأما الحسين بن علي فهو رجل خفيف ولن يتركه أهل العراق حتى يخرجوه فإن خرج وظفرت به فاصفح عنه فإن له رحما ماسة وحقا عظيما وقرابة من محمد وأما ابن أبي بكر فإن رأى أصحابه صنعوا شيئا صنع مثله ليس له همة إلا في النساء واللهو وأما الذي يجثم لك جثوم الأسد ويراوغك مراوغة الثعلب فإن أمكنته فرصة وثب فذاك ابن الزبير فإن هو فعلها بك فظفرت به فقطعه إربا إربا واحقن دماء قومك ما استطعت.
هكذا في هذه الرواية ذكر عبد الرحمن بن أبي بكر وليس بصحيح فإن عبد الرحمن بن أبي بكر كان قد مات قبل معاوية.
وقيل إن يزيد كان غائبا في مرض أبيه وموته وإن معاوية أحضر الضحاك بن قيس ومسلم بن عقبة المري فأمرهما أن يؤديا عنه هذه الرسالة إلى يزيد ابنه وهو الصحيح. ثم مات بدمشق لهلال رجب وقيل للنصف منه وقيل لثمان بقين منه،