لسعيد وقد استيقظ من نومه ليلا يا أبا سعيد إني أبرأ إلى الله من دمك إني رأيت في منامي فقيل لي ويلك تبرأ من دم سعيد بن جبير فاذهب حيث شئت فإني لا أطلبك فأبى سعيد فرأى ذلك الحرسين مثل تلك الرؤيا ثلاثا ويأذن لسعيد في الذهاب وهو لا يفعل.
فقدموا به الكوفة فأنزل في داره وأتاه قراء الكوفة فجعل يحدثهم وهو يضحك وبنيه له في حجره فلما نظرت إلى القيد في رجله بكت، ثم أدخلوه على الحجاج فلما أتى به قال لعن الله ابن النصرانية يعني خالدا وكان هو أرسله أما كنت أعرف مكانه بلى والله والبيت الذي فيه بمكة ثم أقبل عليه فقال يا سعيد ألم أشركك في إمامتي ألم أفعل ألم أستعملك قال بلى قال فما أخرجك علي قال إنما أنا امرؤ من المسلمين يخطئ مرة ويصيب مرة فطابت نفس الحجاج ثم عاوده في شيء فقال إنما كانت بيعة في عنقي فغضب الحجاج وانتفخ وقال يا سعيد ألم أقدم مكة فقتلت الزبير وأخذت بيعة أهلها وأخذت بيعك لأمير المؤمنين عبد الملك قال بلى قال ثم قدمت الكوفة واليا فجددت البيعة فأخذت بيعتك لأمير المؤمنين ثانية قال بلى قال فتنكث بيعتين لأمير المؤمنين وتوفي بواحدة للحائك بن الحائك والله لأقتلنك قال إني إذا لسعيد كما سمتني أمي فأمر به فضربت رقبته فبدر رأسه عليه كمة بيضاء لاطئة فلما سقط رأسه هلل ثلاثا أفصح بمرة ولم يفصح بمرتين.
فلما قتل التبس عقل الحجاج فجعل يقول قيودنا قيودنا فظنوا أنه يريد القيود فقطعوا رجلي سعيد من أنصاف ساقية وأخذوا القيود وكان الحجاج إذا نام يراه في منامه يأخذ بمجامع ثوبه فيقول يا عدو الله فيما قتلتني فيقول مالي ولسعيد بن جبير مالي ولسعيد بن جبير!