فأقام حتى ذهب ثلث الليل وخرج موسى في أربعمائة وقال لعمرو بن خالد اخرج بعدنا فكن أنت ومن معك قريبا فإذا سمعتم تكبيرنا فكبروا ثم سار حتى ارتفع فوق عسكر الترك ورجع إليهم وجعل أصحابه أرباعا وأقبل إليهم فلما رآهم أصحابه الأرصاد قالوا من أنتم قالوا عابروا سبيل فلما جاوزوا الرصد حملوا على الترك وكبروا فلم يشعر الترك إلا بوقع السيوف فيهم فساروا يقتل بعضهم بعضا وولوا فأصيب من المسلمين ستة عشر رجلا وحووا عسكرهم وأصابوا سلاحا كثيرا ومالا وأصبح الخزاعي وأصحابه وقد كسرهم ذلك فخافوا مثلها فقال عمرو بن خالد لموسى إننا لا نظفر إلا بمكيدة ولهم أمداد وهم كثيرون فدعني آته لعلي أصيب فرصة فاضربني وخلاك ذم فقال له موسى تتعجل الضرب وتتعرض للقتل قال أما التعرض للقتل فأنا كل يوم متعرض له وأما الضرب فما أيسره في جنب ما أريد فضربه موسى خمسين سوطا فخرج من عسكر موسى وأتى عسكر الخزاعي مستأمنا وقال أنا رجل من أهل اليمن كنت مع عبد الله بن خازم فلما قتل أتيت ابنه فكنت معه وإنه اتهمني وقال قد تعصبت لعدونا وأنت عين له فضربني ولم آمن القتل فهربت منه فأمنه الخزاعي وأقام معه فدخل يوما وهو خال ولم ير عنده سلاحا فقال كأنه ينصح له أصلح الله الأمير إن مثلك في مثل هذه الحال لا ينبغي أن يكون بغير سلاح قال إن معي سلاحا فرفع طرف فراشه فإذا سيف منتض فأخذه عمرو فضربه حتى قتله وخرج فركب فرسه وأتى موسى وتفرق ذلك الجيش وأتى بعضهم موسى مستأمنا فأمنه، ولم يوجه إليه أمية أحدا.
وعزل أمية وقدم المهلب أميرا فلم يتعرض لموسى وقال لبنيه إياكم وموسى فإنكم لا تزالون ولاة خراسان ما دام هذا الثبط بمكانه فإن قتل فأول طالع عليكم أمير على خراسان من قيس فلما مات المهلب وولي يزيد لم يتعرض أيضا لموسى.