شبيب فنزل السبخة وابتنى بها مسجدا، فلما كان اليوم الثالث أخرج الحجاج أبا الورد مولاه عليه تجفاف ومعه غلمان له وقالوا هذا الحجاج فحمل عليه شبيب فقتله وقال إن كان هذا الحجاج فقد أرحتكم منه.
ثم أخرج الحجاج غلامه طهمان في مثل تلك العدة والحالة فقتله شبيب وقال إن كان هذا الحجاج فقد أرحتكم منه.
ثم إن الحجاج خرج ارتفاع النهار من القصر فطلب بغلا يركبه إلى السبخة فأتي ببغل فركبه ومعه أهل الشام فخرج فلما رأى الحجاج شبيبا وأصحابه نزل وكان شبيب في ستمائة فارس فأقبل نحو الحجاج وجعل الحجاج سبرة بن عبد الرحمن بن مخنف على أفواه السكك في جماعة الناس ودعا الحجاج بكرسي فقعد عليه ثم نادى: [يا] أهل الشام أنتم أهل السمع والطاعة [والصبر] واليقين فلا يغلبن باطل هؤلاء الأرجاس حقكم، غضوا الأبصار واجثوا على الركب واستقبلوهم بأطراف الأسنة ففعلوا وأشرعوا الرماح وكأنهم حرة سوداء وأقبل شبيب في ثلاثة كراديس كتيبة معه وكتيبة مع سويد بن سليم وكتيبة مع المحلل بن وائل وقال لسويد احمل عليهم في خيلك فحمل عليهم فثبتوا له ووثبوا له ووثبوا في وجهه بأطراف الرماح فطعنوه حتى انصرف هو وأصحابه.
وصاح الحجاج هكذا فافعلوا وأمر بكرسيه فقدم وأمر شبيب المحلل فحمل عليهم ففعلوا به كذلك فناداهم الحجاج هكذا فافعلوا وأمر بكرسيه فقدم.
ثم إن شبيبا حمل عليهم في كتيبته فثبتوا له وصنعوا به كذلك فقاتلهم طويلا ثم إن أهل الشام طاعنوه حتى ألحقوه بأصحابه فلما رأى صبرهم