وكرهوا أن يكذبوا أنفسهم قالوا وما قولكم في عبد الملك قالوا خليفتنا ولم يجدوا بدا إذ بايعوه أن يقولوا ذلك قالوا يا أعداء الله أنتم بالأمس تبرؤن منه في الدنيا والآخرة وهو اليوم إمامكم وقد قتل أميركم الذي كنتم تولونه! فأيهما المهتدي وأيهما المبطل قالوا يا أعداء الله رضينا بذلك إذ كان يتولى أمرنا ونرتضي بهذا قالوا لا والله ولكنكم إخوان الشياطين وعبيد الدنيا.
وأما عبد الله بن الزبير فلما انتهى إليه قتل أخيه مصعب قام في الناس فخطبهم فقال:
الحمد لله الذي له الخلق والأمر يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء ألا وإنه لم يذلل الله من كان الحق معه وإن كان فردا ولم يعزز من كان وليه الشيطان وإن كان الناس معه طرا، ألا وإنه قد أتانا من العراق خبر أحزننا وأفرحنا أتانا قتل مصعب رحمه الله، أما الذي أفرحنا فعلمنا أن قتله شهادة وأما الذي أحزننا فإن لفراق الحميم لوعة يجدها حميمه عند المصيبة يرعوي بعدها ذوو الرأي الجميل إلى الصبر وكريم العزاء وما مصعب إلا عبد من عبيد الله وعون من أعواني ألا وإن أهل العراق أهل الغدر والنفاق أسلموه وباعوه بأقل الثمن فان يقتل فمه! والله ما نموت على مضاجعنا كما يموت بنو أبي العاص والله ما قتل رجل منهم في زحف في الجاهلية ولا في الإسلام ولا نموت الا عقصا بالرماح وتحت ظلال السيوف ألا انما الدنيا عارية من الملك الأعلى الذي لا يزول سلطانه ولا يبيد ملكه فإن تقبل لا آخذها أخذ البطر وإن تدبر لم أبك