فبلغ الفرات في بضعة عشر يوما، فأتاها وقد انتهى إليها الخوارج فقطعوا الجسر بينهم وبينه وأخذوا رجلا اسمه سماك بن يزيد ومعه بنت له فأخذوها ليقتلوها فقالت لهم يا أهل الإسلام إن أبي مصاب فلا تقتلوه وأما أنا فجارية والله ما أتيت فاحشة قط ولا آذيت جارة لي تطلعت ولا تشرفت قط فلما أرادوا قتلها سقطت ميته فقطعوها بأسيافهم وبقي سماك معهم حتى أشرفوا على الصراة فاستقبل أهل الكوفة فناداهم اعبروا إليهم فإنهم قليل خبيث فضربوا عنقه وصلبوه.
فقال إبراهيم بن الأشتر للحارث: اندب معي الناس حتى أعبر إلى هؤلاء الكلاب فأجيئك برؤوسهم فقال شبث وأسماء بن خارجة ويزيد بن الحرث ومحمد بن عمير وغيرهم أصلح الله الأمير دعهم فليذهبوا وكأنهم حسدوا إبراهيم.
فلما رأى الخوارج كثرة الناس قطعوا الجسر واغتنم ذلك الحرث فتحبس ثم جلس للناس فقال أما بعد فإن أول القتال الرمية بالنبل وإشراع الرماح والطعن ثم الطعن شزرا ثم السلة آخر ذلك كله فقال له رجل قد أحسن الأمير الصفة ولكن متى نصنع هذا وهذا البحر بيننا وبينهم فمر بهذا الجسر فليعقد ثم عبرنا إليهم فإن الله سيريك ما تحب.
فعقد الجسر وعبر الناس، فطارد الخوارج حتى أتوا المدائن وطاردت بعض خيلهم عند الجسر طرادا ضعيفا فرجعوا فاتبعهم الحرث عبد الرحمن بن مخنف في ستة آلاف ليخرجهم من أرض الكوفة وقال له إذا وقعوا في أرض البصرة فاتركهم فسار عبد الرحمن يتبعهم حتى وقعوا في أرض أصبهان فرجع عنهم ولم يقاتلهم وقصدوا الري وعليها يزيد بن الحرث بن