واقتتل الناس عند فلق الصبح يوم عرفة واشتد قتالهم إلى ارتفاع الضحى فانهزم أهل الشام وأخذ عسكرهم وانتهى أصحاب يزيد إلى ربيعة بن مخارق وقد انهزم عنه أصحابه وهو نازل ينادي يا أولياء الحق أنا ابن مخارق إنما تقاتلون العبيد الإباق ومن ترك الإسلام وخرج منه فاجتمع إليه جماعة فقاتلوا معه فاشتد القتال ثم انهزم أهل الشام وقتل ربيعة بن مخارق قتله عبد الله بن ورقاء الأسدي وعبد الله بن ضمرة العذري فلم يسر المنهزمون غير ساعة حتى لقيهم عبد الله بن جملة في ثلاثة آلاف فرد معه المنهزمين.
ونزل يزيد بباقلي فباتوا ليلتهم يتحارسون فلما صبحوا يوم الأضحى خرجوا إلى القتال فاقتتلوا قتالا شديدا ثم نزلوا فصلوا الظهر ثم عادوا إلى القتال فانهزم أهل الشام وترك ابن جملة في جماعة فقاتل قتالا شديدا فحمل عليه عبد الله بن قراد الخثعمي فقتله وحوى أهل الكوفة عسكرهم وقتلوا فيهم قتلا ذريعا وأسروا منهم ثلاثمائة أسير وأمر يزيد بن أنس بقتلهم وهو بآخر رمق فقتلوا ثم مات آخر النهار فدفنه أصحابه وسقط في أيديهم.
وكان قد استخلف ورقاء بن عازب الأسدي فصلى عليه ثم قال لأصحابه ماذا ترون انه قد بلغني أن ابن زياد قد أقبل إليكم في ثمانين ألفا وإنما أنا رجل منكم فأشيروا علي فإني لا أرى لنا بأهل الشام طاقة على هذه الحال وقد هلك يزيد وتفرق عنا بعض من معنا فلو انصرفنا اليوم من تلقاء أنفسنا لقالوا إنما رجعنا عنهم لموت أميرنا ولم يزالوا هائبين وإن لقيناهم اليوم كنا مخاطرين فإن هزمونا اليوم لم تنفعنا هزيمتنا إياهم بالأمس فقالوا نعم ما رأيت فانصرفوا.
فبلغ ذلك المختار وأهل الكوفة فأرجف الناس بالمختار وقالوا إن يزيد