أضيعها دما وأذلها أهلا قال الحسين فأين أذهب يا أخي قال انزل مكة فإن اطمأنت بك الدار فبسبيل ذلك وأن نأت بك لحقت بالرمال وشعف الجبال وخرجت من بلد إلى بلد حتى تنظر إلى ما يصير أمر الناس ويفرق لك الرأي فأنت أصوب ما يكون رأيا وأحزمه عملا حين تستقبل الأمور استقبالا ولا تكون الأمور عليك أبدا أشكل منها حين تستدبرها قال يا أخي قد نصحت وأشفقت وأرجو أن يكون رأيك سديدا وموفقا إن شاء الله ثم دخل المسجد وهو يتمثل بقول يزيد بن مفرغ:
(لا ذعرت السوام في شفق الصب * ح مغيرا ولا دعيت يزيدا) (يوم أعطي من المهانة ضيما * والمنايا يرصدنني أن أحيدا) ولما سار الحسين نحو مكة قرأ: (فخرج منها خائفا يترقب) الآية فلما دخل مكة قرأ: (ولما توجه تلقاء مدين) الآية ثم إن الوليد أرسل إلى ابن عمر ليبايع فقال إذا بايع الناس بايعت فتركوه وكانوا لا يتخوفونه وقيل إن ابن عمر كان هو وابن عباس بمكة فعادا إلى المدينة فلقيهما الحسين وابن الزبير فسألاهما ما وراءكما؟ فقالا: موت معاوية وبيعة يزيد فقال ابن عمر لا تفرقا جماعة المسلمين وقدم هو وابن عباس المدينة فلما بايع الناس بايعا قال ودخل ابن الزبير مكة وعليها عمرو بن سعيد فلما دخلها قال أنا عائذ بالبيت ولم يكن يصلي بصلاتهم ولا يفيض بإفاضتهم وكان يقف هو وأصحابه ناحية.