ما أعوزكم القرى فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر خيمتها فقال ما هذه الشاة يا أم معبد قالت شاة خلفها الجهد عن الغنم قال فهل بها من لبن قالت هي أجهد من ذلك قال أفتأذنين أن أحلبها قالت بأبي وأمي إن رأيت بها حلبا فاحلبها فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله عز وجل فتفاجت ودرت واجترت فدعا بإناء لها يربض الرهط فحلب فيه ثجا حتى غلبه الثمال فسقاها فشربت حتى رويت وسقوا حتى رووا وقال ساقى القوم آخرهم فشربوا جميعا عللا بعد نهل حتى أراضوا ثم حلبوا فيه ثانيا عودا على بدء فغادره عندها فقلما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا حثلا عجافا تساوك هزلا مخهن قليل لا نقى بهن فلما رأى اللبن عجب وقال من أين هذا لكم والشاء عازبة ولا حلوبة في البيت قالت لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت قال أراه والله صاحب قريش الذي ذكر لنا صفيه لي يا أم معبد قالت رأيت رجلا ظاهر الوضاءة متبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة وسيم قسيم في عينيه دعج وفى أشفاره وطف وفى صوته صهل قال الطبري وإنما هو صحل أحور أكحل أزج أقرن رجل في عنقه سطع وفى حليته كثافة قال الطبري: وإنما هو كثاثة إذا صمت فعليه الوقار وإذا تكلم سما وعلاه البهاء كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، حلو المنطق فصل لا نزر ولا هزر، أجهر الناس وأجمله من بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب ربعة لا تشنأه من طول ولا تقتحمه عين من قصر غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به إن قال سمعوا لقوله وإن أمر تبادروا إلى أمره محفود محشود لا عابس ولا مفند قال هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا ولو كنت وافقته لالتمست صحبته ولأفعلن ذلك إن وجدت إليه سبيلا وأصبح صوت بمكة عال يسمعونه ولا يدرون من يقوله بين السماء والأرض وهو يقول جزى الله رب الناس خير جزائه * رفيقين حلا خيمتي أم معبد هما نزلا بالبر وارتحلا به * فأفلح من أمسى رفيق محمد
(٧٦)