الشأم! فيصيح الشاميون: الطاعة الطاعة! الكرة الكرة! الرواح قبل المساء!
فلم يزل على ذلك حتى أحرقت الكعبة، فقال أصحاب ابن الزبير: نطفئ النار، فمنعهم، وأراد أن يغضب الناس للكعبة، فقال بعض أهل الشأم: إن الحرمة والطاعة اجتمعتا، فغلبت الطاعة الحرمة. وكان حريق الكعبة في سنة 63.
وولى يزيد سلم بن زياد خراسان، وبعث معه بعدة من الاشراف، أحدهم طلحة الطلحات، وهو طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي، والمهلب ابن أبي صفرة، وعمر بن عبيد الله بن معمر التيمي، وعبد الله بن خازم السلمي، فصار إلى خراسان، فأقام بنيسابور، ثم صار إلى خوارزم، ففتحها.
ثم صار إلى بخارى، وملكتها خاتون، فلما رأت كثرة جمعه هالها ذلك، وكتبت إلى طرخون ملك السغد: إني متزوجتك، فأقبل إلي لتملك بخارى، فأقبل إليها في مائة ألف وعشرين ألفا، فوجه سلم المهلب بن أبي صفرة طليعة له لما بلغه إقبال طرخون، فخرج وتبعه الناس، فلما أشرفوا على عسكر طرخون زحف أصحاب طرخون إليهم، والتحم القتال، ورشقهم المسلمون بالنبل، فقتل طرخون وانهزم أصحابه، فقتل منهم بشر كثير، فبلغت سهام المسلمين يومئذ للفارس ألفين وأربعمائة، وللراجل ألفا ومائتين، ولم يزل ابن زياد بخراسان حتى توفي يزيد، وكان يكتم موته حتى ذاع في الناس، فانصرف سلم من خراسان، فاستخلف عليها ابن خازم السلمي، وذلك أنه خاف أن يثب به، فداراه وبلغه اختلاط الناس، فأعطاه عهده ومضى.
وأقام ابن خازم بخراسان فعمل العجائب، ولم يكن يرد عليه، وسار سليمان إلى هراة، ووثب أوس بن ثعلبة بالطالقان، فلم يزل يحاربهما ويحارب الترك، وهو في كل ذلك منصور عليهم.
وتوفي يزيد بن معاوية في صفر سنة 64 بموضع يقال له حوارين، وحمل إلى دمشق، فدفن بها، وصلى عليه معاوية بن يزيد. وكان له من الولد الذكور أربعة: معاوية، وخالد، وأبو سفيان، وعبد الله، وكان الغالب عليه حسان بن