وأنفذ شهادات قوم أولهم بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، فلما صاروا بمرج عذراء من دمشق على أميال، أمر معاوية بإيقافهم هناك، ثم وجه إليهم من يضرب أعناقهم، فكلمه قوم في ستة منهم، فوقف عنهم، فقتل سبعة: حجر بن عدي الكندي، وشريك بن شداد الحضرمي، وصيفي بن فسيل الشيباني، وقبيصة ابن ضبيعة العبسي، ومحرز بن شهاب التميمي، وكدام بن حيان العنزي، ولما أراد قتلهم قال حجر بن عدي: دعوني حتى أصلي، فصلى ركعتين خفيفتين ثم أقبل عليهم فقال: لولا أن تظنوا بي خلاف ما بي لأحببت أن تكونا أطول مما هما، وإني لأول من رمى بسهم في هذا الموضع، وأول من هلك فيه.
فقيل له: أجزعت؟ فقال: ولم لا أجزع، وأنا أرى سيفا مشهورا، وكفنا منشورا، وقبرا محفورا؟ ثم ضربت عنقه وأعناق القوم، وكفنوا ودفنوا، وكان ذلك في سنة 52.
وقال معاوية للحسين بن علي: يا أبا عبد الله! علمت أنا قتلنا شيعة أبيك، فحنطناهم، وكفناهم، وصلينا عليهم، ودفناهم؟ فقال الحسين: حجرك، ورب الكعبة، لكنا والله إن قتلنا شيعتك ما كفناهم، ولا حنطناهم، ولا صلينا عليهم ولا دفناهم.
وقالت عائشة لمعاوية حين حج، ودخل إليها: يا معاوية! أقتلت حجرا وأصحابه، فأين عزب حلمك عنهم؟ أما إني سمعت رسول الله يقول: يقتل بمرج عذراء نفر يغضب لهم أهل السماوات. قال: لم يحضرني رجل رشيد، يا أم المؤمنين.
وروي أن معاوية كان يقول: ما أعد نفسي حليما بعد قتلي حجرا وأصحاب حجر.
وبلغ عبد الرحمن ابن أم الحكم، وكان عامل معاوية على الموصل، مكان عمرو بن الحمق الخزاعي، ورفاعة بن شداد، فوجه في طلبهما، فخرجا هاربين، وعمرو بن الحمق شديد العلة، فلما كان في بعض الطريق لدغت عمرا