وكان زياد يقول: ينبغي للوالي أن يكون أعلم بأهل عمله منهم بأنفسهم.
فقام إليه رجل فقال: أصلح الله الأمير! تعرفني؟ فقال: نعم المعرفة الجامعة!
أعرفك باسمك واسم أبيك، وكنيتك، وعريفك، وعشيرتك، وفصيلتك، ولقد بلغ من معرفتي بكم أني أرى البرد على أحدكم، ثم آخر عارية، فأعرفه.
واختصم إلى زياد رجلان فقال أحدهما: أصلح الله الأمير! إنه يدل بناحية ذكر أنها له من الأمير. قال: صدق! سأخبرك بما ينفعه من ذلك، ويضرك، إن وجب له الحق عليك أخذتك له أخذا عنيفا، وإن وجب عليه حكمت وأديت عنه.
وقال زياد وهو على المنبر: إن أعظم الناس كذبا أمير يقف على المنبر، وتحته مائة ألف من الناس، فيكذبهم، وإني والله لا أعدكم أجرا إلا أنجزته، ولا أعاقبكم حتى أتقدم عليكم.
وكان زياد يقول لأصحابه: ليس كل يصل إلي ولا كل من وصل إلي أمكنه الكلام، فاستشفعوا لمن وراءكم، فإني من ورائكم أمنع إن أردت أن أمنع.
وكان زياد يقول: أربعة أعمال لا يليها إلا المسن الذي قد عض على ناجذه:
الثغر، والصائفة، والشرط، والقضاء. وينبغي أن يكون صاحب الشرط شديد الصولة، قليل الغفلة، وينبغي أن يكون صاحب الحرس مسنا، عفيفا، مأمونا، لا يطعن عليه. وينبغي أن يكون في الكاتب خمس خلال: بعد غور، وحسن مداراة، وإحكام للعمل، وألا يؤخر عمل اليوم لغد، والنصيحة لصاحبه.
وينبغي للحاجب أن يكون عاقلا، فطنا، قد خدم الملوك قبل أن يتولى حجابتهم.
وتوفي زياد بالكوفة سنة 54.
وروي أنه كان أحضر قوما بلغه أنهم شيعة لعلي ليدعوهم إلى لعن علي والبراءة منه، أو يضرب أعناقهم، وكانوا سبعين رجلا، فصعد المنبر، وجعل