أيام أبي بكر وكانت بيعة أبي بكر يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول سنة 11، في اليوم الذي توفي فيه رسول الله. واسم أبي بكر عبد الله بن عثمان بن عامر، وكان يسمى عتيقا لجماله، وأمه سلمى بنت صخر من بني تيم بن مرة، وكان منزله بالسنح خارج المدينة، وكانت امرأته حبيبة بنت خارجة فيه، وكان له أيضا منزل بالمدينة فيه أسماء بنت عميس، فلما ولي كان منزله المدينة، وأتته فاطمة ابنة رسول الله تطلب ميراثها من أبيها، فقال لها: قال رسول الله:
إنا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا صدقة. فقالت: أفي الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ أما قال رسول الله: المرء يحفظ ولده؟ فبكى أبو بكر بكاء شديدا.
وأمر أسامة بن زيد أن ينفذ في جيشه. وسأله أن يترك له عمر يستعين به على أمره. فقال: فما تقول في نفسك؟ فقال: يا ابن أخي! فعل الناس ما ترى فدع لي عمر، وانفذ لوجهك. فخرج أسامة بالناس وشيعه أبو بكر فقال له:
ما أنا بموصيك بشئ، ولا آمرك به، وإنما آمرك ما أمرك به رسول الله، وامض حيث ولاك رسول الله، فنفذ أسامة، فأقام منذ خرج إلى أن قدم المدينة منصرفا ستين يوما، أو أربعين يوما، ثم دخل المدينة ولواؤه معقود، حتى يدخل المسجد، فصلى، ثم دخل إلى بيته ولواؤه الذي عقده رسول الله معه، وصعد أبو بكر المنبر عند ولايته الامر، فجلس دون مجلس رسول الله بمرقاة، ثم حمد الله وأثنى عليه وقال: إني وليت عليكم ولست بخيركم، فإن استقمت فاتبعوني، وإن زغت فقوموني! لا أقول إني أفضلكم فضلا، ولكني أفضلكم حملا. وأثنى على الأنصار خيرا وقال: أنا وإياكم، معشر الأنصار، كما قال القائل: