إن لم تكن عالما فتعلم وإن لم تكن حكيما فتحكم فإنه قل ما يتشبه رجل بقوم إلا يوشك أن يكون منهم. وقال بعضهم: العلم روح والعمل بدن، والعلم أصل والعمل فرع، والعلم والد والعمل مولود، وكان العمل بمكان العلم ولم يكن العلم بمكان العمل. وقال بعضهم: من طلب العلم لرغبة أو رهبة أو منافسة أو شهوة كان حظه منه على حسب الرهبة، ومن طلب العلم لكرم العلم والتمسه لفضل الاستبانة كان حظه منه بقدر كرمه وانتفاعه به حسب استحقاقه.
وقال بعضهم: كل شئ يحتاج إلى العقل والعقل يحتاج إلى العلم.
وأبتدئ كتابنا هذا من مولد رسول الله وخبره في حال بعد حال ووقت بعد وقت إلى أن قبضه الله إليه، وأخبار الخلفاء بعده وسيرة خليفة بعد خليفة وفتوحه، وما كان منه وعمل به في أيامه وسني ولايته. وكان من روينا عنه ما في هذا الكتاب: إسحاق بن سليمان بن علي الهاشمي عن أشياخ بني هاشم، وأبو البختري وهب بن وهب القرشي عن جعفر بن محمد وغيره من رجاله، وأبان بن عثمان عن جعفر بن محمد، ومحمد بن عمر الواقدي عن موسى بن عقبة وغيره من رجاله، وعبد الملك بن هشام عن زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي، وأبو حسان الزيادي عن أبي المنذر الكلبي وغيره من رجاله، وعيسى بن يزيد بن دأب، والهيثم بن عدي الطائي عن عبد الله بن عباس الهمداني، ومحمد بن كثير القرشي عن أبي صالح وغيره من رجاله، وعلي بن محمد بن عبد الله بن أبي سيف المدائني، وأبو معشر المدني، ومحمد بن موسى الخوارزمي المنجم، وما شاء الله، الحاسب في طوالع السنين والأوقات.
وأثبتنا عن غير هؤلاء الذين سمينا جملا جاء بها غيرهم ورواها سواهم وعلمناها من سير الخلفاء وأخبارهم، وجعلناه كتابا مختصرا، حذفنا منه الاشعار وتطويل الاخبار، وبالله المعونة والتوفيق والحول والقوة.