بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ولي التوفيق، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
إنه لما انقضى كتابنا الأول الذي اختصرنا فيه ابتداء كون الدنيا وأخبار الأوائل من الأمم المتقدمة والممالك المفترقة والأسباب المتشعبة ألفنا كتابنا هذا على ما رواه الأشياخ المتقدمون من العلماء والرواة وأصحاب السير والاخبار والتأريخات، ولم نذهب إلى التفرد بكتاب نصنفه ونتكلف منه ما قد سبقنا إليه غيرنا، لكنا قد ذهبنا إلى جمع المقالات والروايات لأنا قد وجدناهم قد اختلفوا في أحاديثهم وأخبارهم وفي السنين والأعمال، وزاد بعضهم ونقص بعض، فأردنا أن نجمع ما انتهى إلينا مما جاء به كل امرئ منهم لان الواحد لا يحيط بكل العلم، وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: العلم أكثر من أن يحفظ، فخذوا من كل علم محاسنه. وقال جعفر بن حرب بن الأشج:
وجدت العلم كالمال، في يد كل إنسان منه شئ، فإذا حوى الرجل منه جملة سمي موسرا، ويحوي الآخر ما هو أكثر منه فيسمى موسرا، وكذلك العلم لا يحوي منه شيئا إلا سمي عالما وإن كان غيره أعلم منه. ولو كنا لا نسمي العالم عالما حتى يحوي العلم كله لم يقع هذا الاسم على أحد من الآدميين.
وقال بعض الحكماء: ليس طلبي للعلم طمعا في بلوغ قاصيته والاستيلاء على غايته.
ولكن ألتمس شيئا لا يسع جهله ولا يحسن بالعاقل خلافه. وقال بعض الحكماء: