دفع إليها قارورة فيها تربة، وقال لها: إن جبريل أعلمني ان أمتي تقتل الحسين، وأعطاني هذه التربة، وقال لي: إذا صارت دما عبيطا فاعلمي أن الحسين قد قتل، وكانت عندها، فلما حضر ذلك الوقت جعلت تنظر إلى القارورة في كل ساعة، فلما رأتها قد صارت دما صاحت: وا حسيناه! وابن رسول الله!
وتصارخت النساء من كل ناحية، حتى ارتفعت المدينة بالرجة التي ما سمع بمثلها قط.
وكانت سن الحسين يوم قتل ستا وخمسين سنة، وذلك أنه ولد في سنة 4 من الهجرة.
وقيل للحسين: ما سمعت من رسول الله؟ قال: سمعته يقول: إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها، وعقلت عنه انه يكبر فأكبر خلفه، فإذا سمع تكبيري أعاد التكبير حتى يكبر سبعا، وعلمني: قل هو الله أحد، وعلمني الصلوات الخمس، وسمعته يقول: من يطع الله يرفعه، ومن يعص الله يضعه، ومن يخلص نيته لله يزينه، ومن يثق بما عند الله يغنه، ومن يتعزز على الله يذله.
وقال بعضهم: سمعت الحسين يقول: الصدق عز، والكذب عجز، والسر أمانة، والجوار قرابة، والمعونة صداقة، والعمل تجربة، والخلق الحسن عبادة، والصمت زين، والشح فقر، والسخاء غنى، والرفق لب.
ووقف الحسين بن علي بالحسن البصري، والحسن لا يعرفه، فقال له الحسين: يا شيخ هل ترضى لنفسك يوم بعثك؟ قال: لا! قال: فتحدث نفسك بترك ما لا ترضاه لنفسك من نفسك يوم بعثك؟ قال: نعم بلا حقيقة.
قال: فمن أغش لنفسه منك يوم بعثك، وأنت لا تحدث نفسك بترك ما لا ترضاه لنفسك بحقيقة؟ ثم مضى الحسين، فقال الحسن البصري: من هذا؟
فقيل له: الحسين بن علي. فقال: سهلتم علي.
وكان للحسين من الولد: علي الأكبر، لا بقية له، قتل بالطف، وأمه