فإن وجدته حقا لتجدن بنفسك علي هوانا، فلا تكونن من الخاسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
فكتب مصقلة إليه: أما بعد، فقد بلغني كتاب أمير المؤمنين فليسأل إن كان حقا فليعجل عزلي بعد نكالي، فكل مملوك لي حر، وعلي أيام ربيعة ومضر إن كنت رزأت من عملي دينارا، ولا درهما، ولا غيرهما، منذ وليته إلى أن ورد علي كتاب أمير المؤمنين، ولتعلمن أن العزل أهون علي من التهمة. فلما قرأ كتابه قال: ما أظن أبا الفضل إلا صادقا.
ووجه رجلا من أصحابه إلى بعض عماله مستحثا، فاستخف به فكتب إليه: أما بعد، فإنك شتمت رسولي وزجرته، وبلغني أنك تبخر وتكثر من الادهان وألوان الطعام، وتتكلم على المنبر بكلام الصديقين، وتفعل، إذا نزلت، أفعال المحلين، فإن يكن ذلك كذلك فنفسك ضررت وأدبي تعرضت، ويحك ان تقول العظمة والكبرياء ردائي فمن نازعنيهما سخطت عليه، بل ما عليك أن تدهن رفيها، فقد أمر رسول الله بذلك، وما حملك أن تشهد الناس عليك بخلاف ما تقول، ثم على المنبر حيث يكثر عليك الشاهد، ويعظم مقت الله لك، بل كيف ترجو، وأنت متهوع في النعيم جمعته من الأرملة واليتيم، أن يوجب الله لك أجر الصالحين، بل ما عليك، ثكلتك أمك، لو صمت لله أياما، وتصدقت بطائفة من طعامك، فإنها سيرة الأنبياء وأدب الصالحين. أصلح نفسك وتب من ذنبك وأد حق الله عليك والسلام.
وكتب إلى قيس بن سعد بن عبادة، وهو على آذربيجان: أما بعد، فأقبل على خراجك بالحق، وأحسن إلى جندك بالانصاف، وعلم من قبلك مما علمك الله، ثم إن عبد الله بن شبيل الأحمسي سألني الكتاب إليك فيه بوصايتك به خيرا، فقد رأيته وادعا متواضعا، فألن حجابك وافتح بابك، واعمد إلى الحق، فإن وافق الحق ما يحبو أسره، ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله.
إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب.