يحصر منهم، وغلا السعر، واحتكر الناس، فنهى عمر عن الاحتكار.
وفيها توفي الفضل بن العباس بن عبد المطلب بفلسطين، وكانت فلسطين قد افتتحت خلا قيسارية، وكان معاوية بن أبي سفيان مقيما عليها، فافتتحها سنة 18، وقيل كان بها ثمانون ألف مقاتل، وبعث رجلين من جذام إلى عمر بالبشارة، ثم أردفهما برجل من خثعم يقال له: زهير، وقال له: ان قدرت أن تسبق الجذاميين فافعل، فمر بهما الخثعمي، وهما نائمان، فجازهما، وقدم المدينة ليلا، فأتى عمر فأخبره، فكبر وحمد الله، ثم خرج إلى المسجد، وأمر بنار، فأتي بها، فحمد الله، وأعلمهم بفتح قيسارية.
وكتب سعد بن أبي وقاص من المدائن إلى عمر بعد مقامه بثلاث سنين يعلمه اجتماع الفرس بجلولاء، وهي قرية من قرى السواد، بالقرب من حلوان، وكتب إليه أن ينهض إليهم فيمن معه، ووجه عبد الله بن مسعود، فأقامه مقام سعد، وقيل صير سلمان بالمدائن، وكان ابن مسعود يفقههم ويعلمهم، فكانت وقعة جلولاء سنة 19، فلم يزل يقاتلهم حتى فتح الله عليه، وقتل من الفرس مقتلة عظيمة، وهرب يزدجرد فيمن بقي معه، فلحق بأصبهان، ثم سار إلى ناحية الري، وأتاه صاحب طبرستان، فأعلمه حصانة بلاده، فامتنع عليه، ومضى إلى مرو، وكان معه ألف أسوار من أساورته، وألف جبار، وألف صناجة، فكاتب نيزك طرخان، فعلاه بعمود، فمضى منهزما حتى دخل بيت طحان، ولحقوه فقتلوه في بيت الطحان، فصارت أساورته إلى بلخ، ووقعت صناجته إلى هراة وجباروه إلى مرو، وافترقت جموع الفرس وأذهب الله ملكهم، وفرق جمعهم، ورجع سعد إلى الكوفة، فاختط مسجدها، وقصر إمارتها، فاختط الأشعث جبانة كندة، واختط كندة حوله، واختط يزيد بن عبد الله ناحية البرية، واختطت بجلة حوله.
وشاور عمر أصحاب رسول الله في سواد الكوفة، فقال له بعضهم:
تقسمها بيننا، فشاور عليا، فقال: إن قسمتها اليوم لم يكن لمن يجئ بعدنا