جهاتها، ثم احتدم من الهواء ما مس فلك القمر بسبب الحركة وانسحاج المتماسين، فهو إذا النار المحيطة بالهواء متصاغرة القدر في الفلك إلى القطبين لتباطؤ الحركة فيما قرب منهما، وصورة ذلك، الصورة الأولى التي في الصفحة السابقة.
وقال أبو الريحان: وسط معدل النهار، يقطع الأرض بنصفين على دائرة تسمى خط الاستواء، فيكون أحد نصفيها شماليا والآخر جنوبيا، فإذا توهمت دائرة عظيمة على الأرض مارة على قطب خط الاستواء، قسمت كل واحد من نصفي الأرض بنصفين، فانقسم جملتها أرباعا:
جنوبيان وشماليان على ما وجدها المعينون، لم يتجاوز حد أحد الربعين الشماليين فيسمى ربعا معمورا أو مسكونا كجزيرة بارزة تحيط بها البحار، وهذا الربع في نفسه مشتمل على ما يعرف ويسلك من البحار والجزائر والجبال والأنهار والمفاوز المعروفة، ثم إن البلدان والقرى بينها، على أنه بقي منها، نحو قطب الشمال، قطعة غير معمورة من افراط البرد وتراكم الثلوج. وقال مهندسوهم: لو حفر في الوهم وجه الأرض، لأدى إلى الوجه الآخر، ولو ثقب مثلا بفوشنج لنفذ بأرض الصين. قالوا: والناس على الأرض كالنمل على البيضة، واحتجوا لقولهم بحجاج كثيرة، منها إثباتي ومنها إقناعي، وليس ذلك ببعيد من الأرض، لان البسيط يحتمل نشز الشئ، فالأرض على هذا لمن هي تحته بساط، ولمن هي فوقه غطاء.
واختلفوا في مساحة الأرض: فذكر محمد بن موسى الخوارزمي صاحب الزيج أن الأرض على القصد تسعة آلاف فرسخ، العمران من الأرض نصف سدسها، والباقي ليس فيه عمارة ولا نبات ولا حيوان، والبحار محسوبة من الغمران، والمفاوز التي بين العمران من العمران.
قال أبو الريحان: طول قطر الأرض بالفراسخ الفان ومائة وثلاثة وسبعون فرسخا وثلثا فرسخ، ودورها بالفراسخ ستة آلاف وثمانمائة فرسخ.
وعلى هذا تكون مساحة سطحها الخارج متكسرا أربعة عشر ألف ألف وسبعمئة وأربعة وأربعين ألفا ومئتين واثنين وأربعين فرسخا وخمس فرسخ. وكان عمر بن جيلان يزعم أن الدنيا كلها سبعة وعشرون ألف فرسخ، فبلد السودان اثنا عشر ألف فرسخ، وبلد الروم ثمانية آلاف فرسخ، وبلد فارس ثلاثة آلاف فرسخ، وأرض العرب أربعة آلاف فرسخ.
وحكي عن أزدشير قال: الأرض أربعة أجزاء، فجزء منها أرض الترك وهي ما بين مغارب الهند إلى مشارق الروم، وجزء منها الغرب وهو ما بين مغارب الروم إلى القبط والبربر، وجزء منها أرض السودان وهي ما بين البربر إلى الهند، وجزء منها هذه الأرض التي تنسب إلى فارس ما بين نهر بلخ إلى منقطع آذربيجان وأرمينية الفارسية ثم إلى الفرات، ثم برية العرب إلى عمان ومكران، ثم إلى كابل وطخارستان.
وقال دورينوس إن الأرض خمسة وعشرون ألف فرسخ، من ذلك: الترك والصين اثنا عشر