أبى زيد، أصل أبى من قرطبة من محلة تعرف بالرصافة فسكن جزيرة ميورقة فولدت فيها. وقال يحيى ابن البناء: كان الحميدي من اجتهاده ينسخ بالليل في الحر فكان يجلس في إجانة ماء يتبرد به. وقال الحسين بن محمد ابن خسرو: جاء أبو بكر بن ميمون فدق على الحميدي وظن أنه قد أذن له فدخل عليه فوجده مكشوف الفخذ فبكى الحميدي وقال: والله لقد نظرت إلى موضع لم ينظره أحد منذ عقلت.
قال الأمير ابن مأكولا: لم أر مثل صديقنا الحميدي في نزاهته وعفته [وورعه 1] وتشاغله بالعلم، صنف تاريخ الأندلس. وقال يحيى ابن إبراهيم السلماسي قال أبى: لم تر عيناي مثل الحميدي في فضله ونبله وغزارة علمه وحرصه على نشر العلم، قال: وكان ورعا ثقة إماما في الحديث وعلله ورواته متحققا في علم التحقيق والأصول على مذهب أصحاب الحديث بموافقة الكتاب والسنة فصيح العبارة متبحرا في علم الأدب والعربية والترسل، وله كتاب الجمع بين الصحيحين، وتاريخ الأندلس وجمل تاريخ الاسلام، وكتاب الذهب المسبوك في وعظ الملوك، وكتاب الترسل، وكتاب مخاطبات الأصدقاء، وكتاب حفظ الجار، وكتاب ذم النميمة. وله شعر رصين في المواعظ والأمثال. قال السلفي سألت أبا عامر العبدري عن الحميدي فقال: لا يرى قط مثله وعن مثله لا يسأل، جمع بين الفقه والحديث والأدب ورأى علماء الأندلس وكان حافظا.
وعن الحميدي قال: صيرني الشهاب شهابا وهو كان يقصد في سماعه كثيرا.