الجنابذي ثم البغدادي، ولد سنة أربع وعشرين وخمس مائة وسمع باعتناء والده من القاضي أبى بكر الأنصاري وأبى القاسم ابن السمرقندي ويحيى ابن الطراح وعبد الوهاب الأنماطي، ثم طلب بنفسه وسمع من الأرموي وابن ناصر وأبى الوقت وابن البطي ومن بعدهم، ونسخ وحصل الأصول الثمينة، وصنف وجمع وأفاد ونفع وحدث نحوا من ستين عاما وكان ذا حلقة بجامع القصر، وتواليفه تدل على معرفته وحفظه وكان ثقة صالحا عفيفا دينا. قال ابن الدبيثي:
لم أر في شيوخنا أوفر شيوخا منه ولا أغزر سماعا، حدث بجامع القصر دهرا.
قلت: وكان والده قد سمع من إسماعيل بن ملة وحج سنة خمس وثلاثين وعمره أربعون سنة فعدم في الطريق. قال ابن نقطة: كان شيخنا ثقة ثبتا مأمونا كثير السماع واسع الرواية صحيح الأصول منه تعلمنا واستفدنا، ما رأينا مثله.
قال ابن النجار بالغ شيخنا أبو محمد حتى قرأ على شيوخنا وصنف في كل فن، وكانت له حلقة بجامع القصر يقرأ بها كل جمعة بعد الصلاة، وكان أول سماعه في سنة ثلاثين بإفادة أبيه وأبى الحسن بن بكردوس، كتب لنفسه وتوريقا للناس في شبابه، وكان له حانوت للبزبخان الخليفة، كنت أقرأ عليه به، حدث بجميع مروياته به، سمع منه عمر بن علي القرشي وكتب عنه في معجمه، كان ثقة حجة نبيلا ما رأيت في شيوخنا سفرا ولا حضرا مثله في كثرة مسموعاته ومعرفته لمشايخه وحسن أصوله وحفظه وإتقانه وكان أمينا ثخين الستر دينا عفيفا أريد على أن يشهد عند القضاة فامتنع، وكان من أحسن الناس خلقا وألطفهم طبعا من محاسن البغداديين وظرفائهم ما يمل جليسه منه.
قلت حدث عنه ابن الدبيثي وابن نقطة وابن النجار والضياء والبرزالي