حظ أهل العلم في بلادكم ثم قال [لي 1]: ما كان يمسى أبو القاسم الا شعلة نار ببغداد من ذكائه وتوقده وحسن ادراكه.
قال أبو المواهب: كنت أذاكر ابا القاسم الحافظ عن الحفاظ الذين لقيهم فقال: أما بغداد فأبو عامر العبدري، وأما أصبهان فأبو نصر اليونارتي، لكن إسماعيل بن محمد الحافظ كان أشهر. فقلت: فعلى هذا ما كان رأى سيدنا مثل نفسه، قال: لا تقل هذا، قال الله: " لا تزكوا أنفسكم " قلت: فقد قال الله تعالى:
(أما بنعمة ربك فحدث) فقال: لو قال قائل إن عيني لم تر مثلي لصدق.
ثم قال أبو المواهب: [وانا أقول 1]: لم أر مثله ولا من اجتمع فيه [ما اجتمع فيه 1] من لزوم طريقة واحدة مدة أربعين سنة، من لزوم الصلوات في الصف الأول الا من عذر والاعتكاف في شهر رمضان وعشر ذي الحجة وعدم التطلع إلى تحصيل الاملاك وبناء الدور، قد أسقط ذلك عن نفسه، وأعرض عن طلب المناصب من الإمامة والخطابة وأباها بعد أن عرضت عليه، وأخذ نفسه بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم.
قال لي: لما عزمت على التحديث والله المطلع انى ما حملني على ذلك حب الرياسة والتقدم بل قلت: متى أروى كل ما سمعت؟ وأي فائدة في كوني اخلفه صحائف؟ فاستخرت الله واستأذنت أعيان شيوخي ورؤساء البلد وطفت عليهم فكلهم قالوا: من أحق بهذا منك؟ فشرعت في ذلك منذ ثلاث وثلاثين وخمس مائة.
قال القاسم حدثني أبي قال قال لي جدي القاضي أبو المفضل يحيى بن علي القرشي: اجلس إلى سارية حتى يجلس إليك، فلما عزمت على ذلك مرض وعجز