وثلاثين، إلى أن قلد قضاء الشاش فحكم بها أربع سنين وأشهرا، ثم قلد قضاء طوس فكنت ادخل إليه والمصنفات بين يديه فيحكم ثم يقبل على الكتب، ثم أتى نيسابور سنة خمس وأربعين ولزم مسجده ومنزله مفيدا مقبلا على العبادة والتصنيف، وأريد غير مرة على القضاء والتزكية فيستعفي، وكف بصره سنة ست وسبعين، ثم توفى وأنا غائب في ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة وله ثلاث وتسعون سنة رحمة الله عليه.
قال الحاكم في تاريخه: كان أبو أحمد من الصالحين الثابتين على سننن السلف، ومن المنصفين في ما يعتقده في أهل البيت والصحابة، قلد القضاء في أماكن، وصنف على كتابي الشيخين وعلى جامع أبى عيسى، قال لي سمعت عمر بن علك يقول: مات محمد بن إسماعيل ولم يخلف بخراسان مثل أبى عيسى في العلم والزهد والورع بكى حتى عمى. قال الحاكم: وصنف أبو أحمد كتاب العلل، والمخرج على كتاب المزني، وكتابا في الشروط، وصنف الشيوخ والأبواب - إلى أن قال: وهو حافظ عصره بهذه الديار.
قال أبو عبد الرحمن السلمي سمعت أبا احمد الحافظ يقول: حضرت مع الشيوخ عند أمير خراسان نوح بن نصر فقال: من يحفظ منكم حديث أبي بكر في الصدقات؟ فلم يكن أحد منهم يحفظه وكان على خلقان وأنا في آخر الناس فقلت لوزيره: انا أحفظه، فقال: هاهنا فتى من نيسابور يحفظه، فقدمت فوقهم ورويت الحديث، فقال الأمير: مثل هذا لا يضيع، فولاني قضاء الشاش.