لم يكن أحد ببلدنا مثل قاسم بن محمد وأحمد بن خالد الجباب، قال الغساني:
ولم يكن ابن عبد البر بدونهما ولا متخلفا عنهما، وكان من النمر بن قاسط طلب وتقدم ولزم أبا عمر أحمد بن عبد الملك الفقيه ولزم أبا الوليد ابن الفرضي ودأب في طلب الحديث وافتن به وبرع براعة فاق بها من تقدمه من رجال الأندلس، وكان مع تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه والمعاني له بسطة كبيرة في علم النسب والاخبار جلا عن وطنه فكان في الغرب مدة ثم تحول إلى شرق الأندلس فسكن دانية وبلنسية وشاطبة وبها توفى، وذكر غير واحد أن أبا عمر ولى قضاء أشبونة مدة. قلت: أعلى ما عنده كتاب الزعفراني سمعه من ابن صيفون انا ابن الأعرابي عنه، وسنن أبي داود سمعه من ابن عبد المؤمن انا ابن داسه عن المؤلف، وانتهى إليه مع إمامته علو الاسناد.
حدث عنه أبو العباس الدلائي وأبو محمد بن أبي قحافة وأبو الحسن ابن مفوز وأبو على الغساني وأبو عبد الله الحميدي وأبو بحر سفيان بن العاص ومحمد بن فتوح الأنصاري وأبو داود سليمان بن أبي القاسم المقرئ وآخرون. وكان دينا صينا ثقة حجة صاحب سنة واتباع وكان أولا ظاهريا أثريا ثم صار مالكيا مع ميل كثير إلى فقه الشافعي. قال الحميدي:
أبو عمر فقيه حافظ مكثر عالم بالقراءات وبالخلاف وبعلوم الحديث والرجال قديم السماع يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي رحمة الله عليه.
قال أبو داود المقرئ: مات أبو عمر ليلة الجمعة سلخ ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربع مائة واستكمل خمسا وتسعين سنة وخمسة أعوام.