قال: فاقطع لي منه جبة وقلنسوة، وبخل بثوب آخر يخرجه للمهدي، فلما أفضت الخلافة إلى المهدي أمر بتلك الخزانة بعينها ففرقت على الموالى والغلمان والخدم.
أخبرنا علي بن عبد العزيز الطاهري، أخبرنا علي بن عبد الله بن المغيرة الجوهري، حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي، أخبرنا الزبير بن بكار، أخبرني يونس بن عبد الله الخياط قال: دخل ابن الخياط المكي على أمير المؤمنين المهدي وقد مدحه، فأمر له بخمسين ألف درهم، فلما قبضها فرقها على الناس وقال:
أخذت بكفي كفه أبتغي الغنى * ولم أدر أن الجود من كفه يعدي فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى * أفدت، وأعداني فبددت ما عندي فنمى إلى المهدي، فأعطاه بدل كل درهم دينارا! (2).
أخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ، أخبرنا علي بن عمر الحافظ، حدثنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن أبي سعد، حدثنا هارون بن ميمون الخزاعي، حدثنا أبو حزية الباذغيسي، قال: قال المهدي أمير المؤمنين: ما توسل إلي أحد بوسيلة، ولا تذرع بذريعة، هي أقرب إلى ما يحب من تذكيري يدا سلفت مني إليه أتبعها أختها، وأحسن ربها، لأن منة الأواخر يقطع شكر الأوائل.
أخبرني محمد بن عبد الواحد بن محمد الأكبر، أخبرنا محمد بن العباس، أخبرنا محمد بن خلف بن المرزبان، أخبرني محمد بن الفضل، أخبرني بعض أهل الأدب عن حسن الوصيف قال: قعد المهدي قعودا عاما للناس، فدخل رجل وفي يده نعل في مناديل، فقال: يا أمير المؤمنين هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أهديتها لك.
فقال: هاتها، فدفعها إليه، فقبل باطنها ووضعها على عينيه، وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم. فلما أخذها وانصرف قال لجلسائه: أترون أني لم أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم [ير النعل] هذه فضلا عن أن يكون لبسها؟ ولو كذبناه. قال الناس: أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها علي، وكان من يصدقه أكثر ممن يدفع خبره، وإذا كان من شأن العامة الميل إلى أشكالها، والنصرة للضعيف على القوي وإن كان ظالما، فاشترينا لسانه، وقبلنا هديته، وصدقنا قوله، ورأينا الذي فعلناه أنجح وأرجح.