ما أبعد الأشناني من التوفيق تراه ما علم أن حنبلا لم يرو عن وكيع ولا أدركه أيضا! ولست أشك أن هذا الرجل ما كان يعرف من الصنعة شيئا. وقد سمعت بعض شيوخنا ذكره فقال: كان يضع الحديث.
وأنا أقول: إنه كان يضع مالا يحسنه، غير أنه والله أعلم - أخذ أسانيد صحيحة من بعض الصحف فركب عليها هذه البلايا ونسأل الله السلامة في الدنيا والآخرة.
1036 - محمد بن عبد الله، أبو بكر الزقاق:
أحد شيوخ الصوفية الكبار، وكان من أهل المجاهدات وله أخوال عجيبة وكرامات.
حدثنا عبد العزيز بن أبي الحسن القرميسيني قال: سمعت علي بن عبد الله بن جهضم يقول: سمعت أبا بكر الرقي يقول: خرجت في وسط السنة إلى مكة وأنا حدث السن، وفي وسطي نصف جل وعلى كتفي نصف جل، فرمدت عيني في الطريق فكنت أمسح دموعي بالجل، فأقرح الجل الموضع فكان يخرج الدم من الدموع، فمن شدة الإرادة وقوة سروري بحالي لم أفرق بين الدموع والدم، وذهبت عيني في تلك الحجة! وكانت الشمس إذا أثرت في يدي قبلت يدي ووضعتها على عيني سرورا مني بالبلاء.
وحدثنا عبد العزيز أيضا، حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله الهمذاني - بمكة - حدثني حسين بن محمد السراج قال: قال جنيد: رأيت إبليس في منامي وكأنه عريان، فقلت له: ما تستحي من الناس؟ فقال: يا لله، هؤلاء عندكم من الناس؟ لو كانوا من الناس ما تلاعبت بهم كما تتلاعب الصبيان بالكرة، ولكن الناس غير هؤلاء.
فقلت له: ومن هم؟ فقال: قوم في مسجد الشونيزي قد أضنوا قلبي وأنحلوا جسمي، كلما هممت بهم أشاروا إلى الله تعالى أكاد أحترق. قال جنيد: فانتبهت ولبست ثيابي وجئت إلى مسجد الشونيزي وعلى ليل، فلما دخلت المسجد إذ أنا بثلاثة أنفس جلوس رؤوسهم في مرقعاتهم، فلما أحسوا بي قد دخلت المسجد أخرج أحدهم رأسه وقال: يا أبا القاسم أنت كلما قيل لك شئ تقبل؟!
قال أبو الحسن: ذكر لي أبو عبد الله بن جابار أن الثلاثة الذين كانوا في مسجد