فتشوقت شوقا إلى نغماته * أفهامنا ورنت إلى آدابه والنخل ما عكفت عليه طيوره * إلا لما علمته من إرطابه ردت لطافته وحدة ذهنه * وحش اللغات أوانسا بخطابه والنحل يجني المر من نور الربا * فتصير شهدا في طريق رضابه عجب الأنام لطول همة ماجد * أوفى به قصر وما أزرى به سهم الفتى أقصى مدى من سيفه * والرمح يوم طعانه وضرابه هجر العراق تطربا وتغربا * ليفوز من سمط العلا بغرابه والسمهرية ليس يشرف قدرها * حتى يسافر لدنها عن غابه والعضب لا يشفي امرءا من ثاره * إلا بعقد نجاده وقرابه والله يرعى سرح كل فضيلة * حتى يروحه إلى أربابه يا من له قلم حكى في فعله * أيم الغضا لولا سواد لعابه عرفت جدودك إذ نطقت وطالما * لفظ القطا فأبان عن أنسابه وهززت أعطاف الملوك بمنطق * رد المسن إلى اقتبال شبابه ألبستني حلل القريض ووشيه * متفضلا فرفلت في أثوابه وظلمت شعرك إذ حبوت رياضه * رجلا سواه من الورى أولى به فأجاب عنه مقصرا عن شأوه * إذ كان يعجز عن بلوغ ثوابه مات أبو الخطاب في ليلة الاثنين ودفن في يوم الاثنين التاسع والعشرين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.
1415 - محمد بن علي بن عبد الله بن محمد، أبو عبد الله الصوري:
قدم علينا في سنة ثمان عشرة وأربعمائة، فسمع من أبي الحسن بن مخلد، ومن بعده. وأقام ببغداد يكتب الحديث، وكان من أحرص الناس عليه، وأكثرهم كتبا له، وأحسنهم معرفة به، ولم يقدم علينا من الغرباء الذين لقيتهم أفهم منه بعلم الحديث.
وكان دقيق الخط، صحيح النقل.
وحدثني إنه كان يكتب في وجه ورقة من أثمان الكاغد الخراساني ثمانين سطرا.
كان مع كثرة طلبه وكتبه صعب المذهب فيما يسمعه ربما كرر قراءة الحديث