قلت: وكان محمد بن عبد الله بن علاثة صديقا لسفيان الثوري، فلما ولى القضاء أنكر عليه سفيان ذلك.
فأخبرني علي بن المحسن، أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر، حدثني عبد الباقي ابن قانع قال: حدثني بعض شيوخنا قال: استأذن ابن علاثة على سفيان الثوري بعد أن ولى القضاء، فدخل عمار بن محمد ابن أخت سفيان يستأذن له على سفيان، فلم يأذن له، وكان سفيان يعجن كسبا للشاة، فلم يزل به عمار حتى أذن له فدخل ابن علاثة، فلم يحول سفيان وجهه إليه، ثم قال له: يا ابن علاثة ألهذا كتبت العلم؟! لو اشتريت صبرا بدرهم؟ - يعني سميكا - ثم درت في سكك الكوفة لكان خيرا من هذا.
قرأت في كتاب أبي الحسن بن الفرات - بخطه - أخبرني أخي أبو القاسم عبيد الله ابن العباس بن الفرات، أخبرني علي بن سراج قال: محمد بن عبد الله بن علاثة، يقال له قاضي الجن! وذلك أن بئرا كانت بين حران وحصن مسلمة فكان من يشرب منها خبطته الجن قال: فوقف عليها فقال: أيها الجن إنا قد قضينا بينكم وبين الإنس فلهم النهار ولكم الليل، قال: فكان الرجل إذا استسقى منها بالنهار لم يصبه شئ.
حدثني أحمد بن محمد المستملي، أخبرنا محمد بن جعفر الوراق، أخبرنا محمد ابن الحسن أبو الفتح الحافظ قال: محمد بن عبد الله بن علاثة هو عندي واهي الحديث، لا يحل يكتب حديثه عن الأوزاعي.
وقال البخاري: روى عنه وكيع في حفظه نظر. قال أبو الفتح: ولسنا نقنع بهذا من البخاري، محمد بن علاثة حديثه يدل على كذبه، وكان أحد العضل في التزيد عن الأوزاعي.
قلت: قد أفرط أبو الفتح في الميل علي ابن علاثة وأحسبه وقعت إليه روايات لعمرو بن الحصين عن ابن علاثة فنسبه إلى الكذب لأجلها، والعلة في تلك من جهة عمرو بن الحصين فإنه كان كذابا. وأما ابن علاثة فقد وصفه يحيى بن معين بالثقة، ولم أحفظ لأحد من الأئمة فيه خلاف ما وصفه به يحيى.