وترويجه، وأعطى صورة واضحة عن التشيع، فتوافدت الوفود عليه من كل حدب وصوب، للانتهال من منبعه الصافي، بعلمه المعروف عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وكان المعلى بن خنيس أحد أصحابه المختصين به، راويا عنه، مهتديا بهديه، عارفا بحقه، مدافعا عنه، حتى لقى ربه شهيدا سنة 131 ق بأيدي العباسيين.
وفي بحثنا هذا نسعى لفهم دور " المعلى " السياسي والعلمي، والفكري، أما السياسي - أبان قيام الدولة العباسية حيث إن الإمام الصادق (عليه السلام) انصرف لنشر الحديث والمعارف الاسلامية، والاهتمام ببناء القاعدة الفكرية والمرتكزات العلمية في الحياة الإسلامية، وتجنب العمل السياسي - فكان مشاركا في نشر الحديث وروايته، وداعيا إلى الخط الفكري الصحيح المتمثل بالإمام الصادق (عليه السلام)، وإلى جنب هذا خاض صراعا فكريا لمواجهة التيارات الفكرية التي ظهرت في عصره، فقد واجه الغلاة، كما حاجج الزيدية، ووقف موقفا رافضا للحكم العباسي الذي استغل التناقضات في اتجاهات الثوار ضد الدولة الأموية، حيث كان الثوار خليطا من القبائل اليمنية التي ثارت بدافع العصبية القبلية، والموالي بدافع الشعوبية، والشيعة الزيدية استمرارا لثورة زيد وتأسيس اتجاه فكري جيد يستمد الحماس الثوري من ثورة زيد وشهادته. تلك الأحوال تستدعي بحثا دقيقا لتداخل القضايا السياسية والقومية الشعوبية والقبلية والفكرية، وقد تلتقي تلك الاتجاهات والأفكار عند قاسم مشترك لتفرز مبررات فكرية ورؤى ثقافية لمواصلة المسيرة بمحتوى ثقافي آخر.
وهذا ما حصل عند سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية التي حاولت أن توفق بين اتجاهات الثوار وبطرح جديد وأفكار توفيقية أخرى.
فكان المعلى بن خنيس قد عاصر تلك الثورة وهذه الإفرازات، ولم يكن خارج ساحة الصراع والمنافسة، وكان ذا دور بارز ومؤثر أربك الدولة العباسية الحديثة العهد بالحكم، فكان أول شهيد من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) على أيديهم.