وأما دوره العلمي، فقد كان حافظا للحديث، راويا له وقد صنف كتابا فيه.
وأما الفكري فقد خاض سجالا فكريا وعقائديا لتصحيح المسار الفكري الذي اضطربت قواعده عند بعض الشيعة، فواجهه الزيدية مستدلا على عدم صحة اعتقادهم بأن محمد بن عبد الله بن الحسن إمام؛ لأنه ليس لديه شيء من علامة الإمامة وإرث النبوة، وأن الإمام الصادق (عليه السلام) هو الإمام المفترض الطاعة، فكان يؤكد على ضرورة معرفة الإمام وطاعته واتباع هديه.
وبالرغم مما يلحظ من اتباع المعلى بن خنيس للإمام - حسب الروايات الكثيرة الصحيحة الاعتقاد - وصحبته الظاهرة للإمام الصادق (عليه السلام) وشهادته، نرى أنه قد تعرض للتجريح والتضعيف من قبل بعض العلماء.
ولما كان علم الجرح والتعديل مسؤولية شرعية وإنسانية لها آثارها في الأحكام الشرعية، فنحن نسعى في هذا البحث إلى استقراء الروايات المروية عن " المعلى " والنصوص وأقوال العلماء في مدحه أو ذمه، وتصنيفها ودراستها دراسة دقيقة مسؤولة، لنصل إلى حقيقة علمية، وهذا هو هدفنا.
ولن نقصد في بحثنا هذا الدفاع عن " المعلى " أو جعله رمزا استشهاديا واعيا، وإنما ندرس ونبحث حياة المعلى وشهادته وأقوال العلماء فيه ورواياته، كما وجدناها في المصادر الأولية مع دراستها وتحليلها والنظر في محتوياتها بما يقتضيه البحث والتحقيق.
وقد نواجه في قضية ما شيئا من الإحراج؛ لأنها أصبحت عادة متعلقة بالمشاعر والشعور الوطني، إلا وهي روايات فضائل النيروز وأعماله، حيث إن النيروز عيد وطني وقومي في إيران يحتفل فيه الشعب الإيراني، ولكن الذي نحن في صدده هو بحث القضية في إطارها العلمي في إثبات أو نفي تلك الروايات عن المعلى بن خنيس عن الإمام الصادق (عليه السلام)، وهل يصبح عيد النيروز عيدا إسلاميا على ضوء تلك