فابتدأ داود بالكلام وقال: نحن - ومعاشر الاسلام - من دون سائر الملل موحدون وعن الشرك مبرؤون، وباقي الفرق والأمم - كالمجوس والنصارى - بريهم مشركون، وللأصنام والأوثان عابدون، ولم يبق على التوحيد سوى هاتين الطائفتين.
فقال له السيد المؤيد - أدامه الله تعالى -: كيف ذلك - وقد اتخذ اليهود العجل وعبدوه " ولم يبرحوا عليه عاكفين. حتى رجع إليهم موسى " عليه السلام من ميقات ربه، وأمرهم في ذلك أشهر من أن يذكر واعرف من أن ينكر، ثم انهم عبدوا الأصنام في زمان " يربعام بن نباط " وهو أحد غلمان سليمان بن داود عليهما السلام. ومن قصته: أن سليمان كان قد تفرس منه طلب الملك، وتوسم فيه امارات الرئاسة والسلطنة.
وقد كان (أخيا الشيلوني) قد أخبر (يربعام) بذلك وشق عليه ثوبا جديدا كان عليه، وقطعه اثنتى عشرة قطعة، وأعطاه منها عشرة قطع وقال له: ان لك بعدد هذه القطع من بني إسرائيل عشرة أسباط تملكهم ولا يبقى بعد سليمان مع ابنه " رحبعام " وأولاده غير سبطين، وهما:
(يهوذا، وبنيامين) فهم سليمان بقتل " يربعام " فهرب (يربعام بن نباط) من سليمان إلى (شيشاق) عزيز مصر، وبقي عنده حتى توفي سليمان (ع) فرجع إلى الشام، واجمع رأيه ورأي بني إسرائيل جميعا على نصب (رحبعام) ابن سليمان (ع) ملكا، فملكوه عليهم، ثم أتوه واستعطفوه في وضع الآصار والمشاق التي كانت عليهم في أيام سليمان (ع) فقال لهم (رحبعام) إن خنصري أمتن من خنصر أبي، لئن كان أبي وضع عليكم أمورا صعبة وحملكم التكاليف الشاقة فأنا أحملكم واضع عليكم ما هو أشق وأصعب فتفرقوا عنه، ونصبوا (يربعام) بن نباط وملكوه عليهم، فاجتمعت عليه عشرة أسباط من بني إسرائيل. وانفرد " رحبعام " بن سليمان بسبطين