الرباني، الهيكل الصمداني، فريد الأوان ووحيد الزمان، نادرة الدوران في العلم والعمل وحل المشكل وكشف كل معضل، من لا تعد فضائله على تمادي الأيام والدهور، ولا تحصى مزاياه على تتابع الأزمنة والشهور السيد السند والركن المعتمد الحسيب النسيب السيد مهدي نجل السيد مرتضى ابن السيد محمد الحسني الحسيني الطباطبائي نسب كأن عليه من شمس الضحى * نورا ومن فلق الصباح عمودا متع الله تعالى بوجوده الوجود، ورفع الله بدوام سعوده ألوية السعود ولا زال كاسمه مهديا، وأبقاه الله تعالى حتى يلقى له من الأئمة سميا وذلك حين سفره من المشهد الغروي إلى زيارة جده الحسين عليه السلام، في شهر ذي الحجة الحرام من السنة الحادية عشرة بعد الألف المائتين من الهجرة النبوية، على مشرفها الف الف سلام، والف الف تحية. وكان معه - يومئذ - جماعة غفيره من تلامذته المحصلين فعبر بهم الطريق على محل " ذي الكفل " - وكان فيه يومئذ جماعة من اليهود زهاء ثلاثة آلاف نفس - فبلغهم وروده - أيده الله تعالى - عليهم، وقد سمعوا ما سمعوا من شائع فضله، وبلغهم ما بلغهم، من ساطع شرفه ونبله، وفيهم من يدعي العرفان، ويظن أنه على بينة مما هو عليه وبرهان. فلحقه جماعة من عرفائهم للسير مجدين، ولأثره للمناظرة تابعين، حتى وصلوا إلى " الرباط " الذي أمر سلمه الله تعالى ببنائه للزوار والمترددين. فوردوا ثمة ساحة جلاله، وجلسوا متأدبين بين يديه وعن يمينه وعن شماله، فكانوا كالخفافيش في الشمس إذ لا قرار لهم إلا في ظلمة الدمس فرحب بهم - كما هو من عاداته واخلاقه المرضية المستقيمة - وقال لهم قولا لينا عسى أن يتذكر أحد منهم أو يخشى وكان فيهم رجلان يدعيان المعرفة: أحدهما - داود والآخر - عزرا.
(٥١)