فصل وأما استصحاب الحال فضربان استصحاب حال العقل واستصحاب حال الاجماع فأما استصحاب حال العقل فهو الرجوع إلى براءة الذمة في الأصل وذلك طريق يفزع إليه المجتهد عند عدم أدلة الشرع ولا ينتقل عنها إلا بدليل شرعي ينقله عنه فإن وجد دليلا من أدلة الشرع انتقل عنه سواء كان ذلك الدليل نطقا أو مفهوما أو نصا أو ظاهرا لأن هذه الحال إنما استصحبها لعدم دليل شرعي فأي دليل ظهر من جهة الشرع حرم عليه استصحاب الحال بعده فصل والضرب الثاني استصحاب حال الإجماع وذلك مثل أن يقول الشافعي رضي الله عنه في المتيمم إذا رأى الماء في أثناء صلاته أنه يمضي فيها لأنهم أجمعوا قبل رؤية الماء على انعقاد صلاته فيجب أن تستصحب هذه الحال بعد رؤية الماء حتى يقوم دليل ينقله عنه فهذا اختلف أصحابنا فيه فمنهم من قال أن ذلك دليل وهو قول أبي بكر الصيرفي من أصحابنا ومنهم من قال إن ذلك ليس بدليل وهو الصحيح لأن الدليل هو الإجماع والإجماع إما حصل قبل رؤية و إذا رأى الماء قد زال الإجماع فلا يجوز أن يستصحب حكم الإجماع في موضع الخلاف من غير علة تجمع بينهما فصل فأما القول بأقل ما قيل فهو أن يختلف الناس في حادثة على قولين أو ثلاثة فقضى بعضهم فيها بقدر وقضى بعضهم فيها بأقل من ذلك القدر وذلك مثل اختلافهم في دية اليهودي والنصراني فمنهم من
(٣٣٨)