من أرسلنا من قبلك من رسلنا» أي واسأل أممهم وعلماء دينهم كقوله تعالى فاسأل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك وفائدة هذا المجاز التنبيه على ان المسؤول عنه عين ما نطقت به ألسنة الرسل لا ما يقوله أممهم وعلماؤهم من تلقاء أنفسهم قال الفراء هم إنما يخبرونه عن كتاب الرسل فإذا اسألهم فكأنه سأل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام «أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون» أي هل حكمنا بعبادة الأوثان وهل جاءت في ملة من مللهم والمراد به الاستشهاد بإجماع الأنبياء على التوحيد والتنبيه على انه ليس ببدع ابتدعه حتى يكذب ويعادى «ولقد أرسلنا موسى بآياتنا» ملتبس بها «إلى فرعون وملئه فقال إني رسول رب العالمين» أريد باقتصاصه تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستشهاد بدعوة موسى عليه السلام إلى التوحيد إثر ما أشير إلى إجماع جميع الرسل عليهم السلام عليه «فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون» أي فاجؤا وقت ضحكهم منها أي استهزؤا بها أو ما رأوها ولم يتأملوا فيها «وما نريهم من آية» من الآيات «إلا هي أكبر من أختها» إلا وهى بالغة أقصى مراتب الإعجاز بحيث يحسب كل من ينظر إليها أنها أكبر من كل ما يقاس بها من الآيات والمراد وصف الكل بغاية الكبر من غير ملاحظة قصور في شيء منها أو إلا وهى مختصة بضرب من الإعجاز مفضلة بذلك الاعتبار على غيرها «وأخذناهم بالعذاب» كالسنين والطوفان والجراد وغيرها «لعلهم يرجعون» لكي يرجعوا عما هم عليه من الكفر «وقالوا يا أيها الساحر» نادوه بذلك في مثل تلك الحال لغاية عتوهم ونهاية حماقتهم وقيل كانوا يقولون للعالم الماهر ساحر لاستعظامهم علم السحر وقرئ أية الساحر بضم الهاء «ادع لنا ربك» ليكشف عنا العذاب «بما عهد عندك» بعهده عندك من النبوة أو من استجابة دعوتك أو من كشف العذاب عمن اهتدى أو بما عهد عندك فوفيت به من الإيمان والطاعة «إننا لمهتدون» أي لمؤمنون على تقدير كشف العذاب عنا بدعوتك كقولهم لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك «فلما كشفنا عنهم العذاب» بدعوته «إذا هم ينكثون» فاجؤا وقت نكث عهدهم بالاهتداء وقد مر تفصيله في الأعراف «ونادى فرعون» بنفسه
(٤٩)