«وكذلك» أي والأمر كما ذكر من عجزهم عن الحجة وتشبثهم بذيل التقليد وقوله تعالى «ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون» استئناف مبين لذلك دال على التقليد فيما بينهم ضلال قديم ليس لأسلافهم أيضا سند غيره وتخصيص المترفين بتلك المقالة للإيذان بأن التنعم وحب البطالة هو الذي صرفهم عن النظر إلى التقليد «قال» حكاية لما جرى بين المنذرين وبين أممهم عند تعللهم بتقليد آبائهم أي قال كل نذير من أولئك المنذرين لأممهم «أولو جئتكم» أي أتقتدون بآبائكم ولو جئتكم «بأهدى» بدين أهدى «مما وجدتم عليه آباءكم» من الضلالة التي ليست من الهداية في شيء وإنما عبر عنها بذلك مجاراة معهم على مسلك الإنصاف وقرئ قل على انه حكاية أمر ماض أوحى حينئذ إلى كل نذير لا على انه خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم كما قيل لقوله تعالى «قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون» فإنه حكاية عن الأمم قطعا أي قال كل أمة لنذيرها إنا بما أرسلت به الأخ وقد أجمل عند الحكاية للإيجاز كما مر في قوله تعالى يا أيها الرسل كلوا من الطيبات وجعله حكاية عن قومه عليه الصلاة والسلام بحمل صيفة الجمع على تغليبه على سائر المنذرين عليهم السلام وتوجيه كفرهم إلى ما أرسل به الكل من التوحيد لإجماعهم عليه كما في نظائر قوله تعالى كذبت عاد المرسلين تمحل بعيد يرده بالكلية قوله تعالى «فانتقمنا منهم» أي بالاستئصال «فانظر كيف كان عاقبة المكذبين» من الأمم المذكورين فلا تكترث بتكذيب قومك «وإذ قال إبراهيم» اى واذكر لهم وقت قوله عليه الصلاة والسلام «لأبيه وقومه» المكبين على التقليد كيف تبرأ مما هم فيه بقوله «إنني براء مما تعبدون» وتمسك بالبرهان ليسلكوا مسلكه في الاستدلال أو ليقلدوه إن لم يكن لهم بد من التقليد فإنه أشرف آبائهم وبراء مصدر نعت به مبالغة ولذلك يستوى فيه الواحد والمتعدد والمذكور والمؤنث وقرئ بريء وبراء بضم الباء ككريم وكرام وما إما مصدرية أو موصولة حذف عائدها إلى إنني برئ من عبادتكم أو معبودكم «إلا الذي فطرني» استثناء منقطع أو متصل على ان ما تعم أولى العلم وغيرهم وأنهم كانوا يعبدون الله والأصنام أو صفة على ان ما موصوفة أي إنني براء من آلهة تعبدونها غير الذي فطرني «فإنه سيهدين» أي سيثبتني على الهداية أو سيهدين إلى ما وراء الذي
(٤٤)