تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٨ - الصفحة ٥٤
«الأخلاء» المتحابون في الدنيا على الإطلاق أو في الأمور الدنيوية «يومئذ» يوم إذ تأتيهم الساعة «بعضهم لبعض عدو» لانقطاع ما بينهم عن علائق الخلة والتحاب لظهور كونها أسبابا للعذاب «إلا المتقين» فإن خلتهم في الدنيا لما كانت في الله تبقى على حالها بل تزداد بمشاهدة كل منهم آثار خلتهم من الثواب ورفع الدرجات والاستثناء على الأول متصل وعلى الثاني منقطع «يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون» حكاية لما ينادى به المتقون المتحابون في الله يومئذ تشريفا لهم وتطيبا لقلوبهم «الذين آمنوا بآياتنا» صفة للمنادى أو نصب على المدح «وكانوا مسلمين» أي مخلصين وجوههم لنا جاعلين أنفسهم سالمة لطاعتنا وهو حال من واو آمنوا عن مقاتل إذا بعث الله الناس فزع كل أحد فينادى مناد يا عبادي فيرفع الخلائق رؤسهم على الرجاء ثم يتبعها الذين آمنوا الآية فينكس أهل الأديان الباطلة رؤسهم «ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم» نساؤكم المؤمنات «تحبرون» تسرون سرورا يظهر حباره أي أثره على وجوهكم أو تزينون من الحبرة وهو حسن الهيئة أو تكرمون إكراما بليغا والحبرة المبالغة فيما وصف بجميل «يطاف عليهم» بعد دخولهم الجنة حسبما أمروا به «بصحاف من ذهب وأكواب» كذلك والصحاف جمع صحفة قيل هي كالقصعة وقيل أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة ثم المكيلة والأكواب جمع كوب وهو كوز لا عروة له «وفيها» أي في الجنة «ما تشتهيه الأنفس» من فنون الملاذ وقرئ ما تشتهى «وتلذ الأعين» أي تستلذه وتقر بمشاهدته وقرئ وتلذه «وأنتم فيها خالدون» إتمام للنعمة وإكمال للسرور فإن كل نعيم له زوال بالآخرة مقارن لخوفه لا محالة والالتفات للتشريف «وتلك الجنة» مبتدأ وخبر «التي أورثتموها» وقرئ ورثتموها «بما كنتم تعلمون» في الدنيا من الأعمال الصالحة شبه جزاء العمل بالميراث لأنه يخلفه العامل عليه وقيل تلك الجنة مبتدأ وصفه والموصول مع صلته خبره وقيل هو صفة الجنة كالوجه الأول والخبر بما كنتم تعلمون فتتعلق الباء بمحذوف لا بأورثتموها كما في الأولين «لكم فيها فاكهة كثيرة» بحسب الأنواع والأصناف
(٥٤)
مفاتيح البحث: القتل (1)، الخوف (1)، الفزع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة