تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٨٧
الذين لا يجدون إلا طاقتهم وقرئ بفتح الجيم وهو مصدر جهد في الأمر إذا بالغ فيه وقيل هو بالضم الطاقة وبالفتح المشقة «فيسخرون منهم» عطف على يلمزون أي يهزءون بهم والمراد بهم الفريق الأخير «سخر الله منهم» إخبار بمجازاته تعالى إياهم على ما فعلوا من السخرية والتعبير عنها بذلك للمشاكلة «ولهم» أي ثابت لهم «عذاب أليم» التنوين للتهويل والتفخيم وإيراد الجملة اسمية للدلالة على الاستمرار «استغفر لهم أو لا تستغفر لهم» إخبار باستواء الأمرين الاستغفار لهم وتركه في استحالة المغفرة وتصويره بصورة الأمر للمبالغة في بيان استوائهما كأنه صلى الله عليه وسلم أمر بامتحان الحال بأن يستغفر تارة ويترك أخرى ليظهر له جلية الأمر كما مر في قوله عز وجل قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم «إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم» بيان لاستحالة المغفرة بعد المبالغة في الاستغفار إثر بيان الاستواء بينه وبين عدمه روي أن عبد الله بن عبد الله بن أبي وكان من المخلصين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض أبيه أن يستغفر له ففعل صلى الله عليه وسلم فنزلت فقال صلى الله عليه وسلم محافظة على ما هو الأصل من أن مراتب الأعداد حدود معينة يخالف حكم كل منها حكم ما فوقها إن الله قد رخص لي فسأزيد على السبعين فنزلت سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم وقد شاع استعمال السبعة والسبعين والسبعمائة في مطلق التكثير لاشتمال السبعة على جملة أقسام العدد فكأنها العدد بأسره وقيل هي أكمل الأعداد لجمعها معانيها ولأن الستة أول عدد تام لتعادل أجزائها الصحيحة إذ نصفها ثلاثة وثلثها اثنان وسدسها واحد وجملتها ستة وهي مع الواحد سبعة فكانت كاملة إذ لا مرتبة بعد التمام إلا الكمال ثم السبعون غاية الكمال إذ الآحاد غايتها العشرات والسبعمائة غاية الغايات «ذلك» إشارة إلى امتناع المغفرة لهم ولو بعد المبالغة في الاستغفار أي ذلك الامتناع ليس لعدم الاعتداد باستغفارك بل «بأنهم» أي بسبب أنهم «كفروا بالله ورسوله» كفرا متجاوزا عن الحد كما يلوح به وصفهم بالفسق في قوله عز وجل «والله لا يهدي القوم الفاسقين» فإن الفسق في كل شيء عبارة عن التمرد والتجاوز عن حدوده أي لا يهديهم هداية موصلة إلى المقصد البتة لمخالفة ذلك للحكمة التي عليها يدور فلك التكوين والتشريع وأما الهداية بمعنى الدلالة على ما يوصل إليه فهي متحققة لا محالة ولكنهم بسوء اختيارهم لم يقبلوها فوقعوا فيما وقعوا وهو تذييل مؤكد لما قبله من الحكم فإن مغفرة الكافر إنما هي بالإقلاع عن الكفر والإقبال إلى الحق والمتهمك فيه المطبوع عليه بمعزل من ذلك وفيه تنبيه على عذر النبي صلى الله عليه وسلم في استغفاره لهم وهو عدم يأسه من إيمانهم حيث لم يعلم أنهم مطبوعون على الغي والضلال إذ الممنوع هو الاستغفار لهم بعد تبين حالهم كما سيتلى من قوله عز وجل ما كان للنبي الآية
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308