أنكروا شيئا من الأشياء إلا أغناه الله تعالى إياهم أو وما أنكروا ما أنكروا لعلة من العلل إلا لإغناء الله إياهم «فإن يتوبوا» عما هم عليه من الكفر والنفاق «يك خيرا لهم» في الدارين قيل لما تلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجلاس يا رسول الله لقد عرض الله على التوبة والله لقد قلت وصدق عامر فتاب الجلاس وحسنت توبته «وإن يتولوا» أي استمروا على ما كانوا عليه من التولي والإعراض عن الدين أو أعرضوا عن التوبة بعد هذا العرض «يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا» بالقتل والأسر والنهب وغير ذلك من فنون العقوبات «والآخرة» بالنار وغيرها من أفانين العقاب «وما لهم في الأرض» مع سعتها وتباعد أقطارها وكثرة أهلها المصححة لوجدان ما نفى بقوله عز وجل «من ولي ولا نصير» ينقذهم من العذاب بالشفاعة أو المدافعة «ومنهم» بيان لقبائح بعض آخر منهم «من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن» لنؤتين الزكاة وغيرها من الصدقات «ولنكونن من الصالحين» قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يريد الحج وقرئ بالنون الخفيفة فيهما قيل نزلت في ثعلبة بن حاطب أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا فقال صلى الله عليه وسلم يا ثعلبة قليل تؤدي حقه خير من كثير لا تطيقه فراجعه وقال والذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالا لأعطين كل ذي حق حقه فدعا له فاتخذ غنما فنمت كما ينمي الدود حتى ضاقت بها المدينة فنزل واديا وانقطع عن الجماعة والجمعة فسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل كثر ماله حتى لا يسعه واد فقال يا ويح ثعلبة فبعث مصدقين لأخذ الصدقات فاستقبلهما الناس بصدقاتهم ومرا بثعلبة فسألاه الصدقة وأقرآه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فيه الفرائض فقال ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية وقال ارجعا حتى أرى رأيي وذلك قوله عز وجل «فلما آتاهم من فضله بخلوا به» أي منعوا حق الله منه «وتولوا» أي أعرضوا عن طاعة الله سبحانه فلما رجعا قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يكلماه يا ويح ثعلبة مرتين فنزلت فجاء ثعلبة بالصدقة فقال صلى الله عليه وسلم إن الله منعني أن أقبل منك فجعل يحثو التراب على رأسه فقال صلى الله عليه وسلم هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني فقبض صلى الله عليه وسلم فجاء بها إلى أبي بكر رضي الله عنه فلم يقبلها وجاء بها إلى عمر رضي الله عنه في خلافته فلم يقبلها وهلك في خلافة عثمان رضي الله عنه وقيل نزلت فيه وفي سهل بن الحرث وجد بن قيس ومعتب بن قشير والأول هو الأشهر «وهم معرضون» جملة معترضة أي وهم قوم عادتهم الإعراض أو حالية أي تولوا بإجرامهم وهم معرضون بقلوبهم «فأعقبهم» أي جعل الله عاقبة فعلهم ذلك «نفاقا» راسخا «في قلوبهم إلى يوم يلقونه» إلى يوم موتهم الذي يلقون الله تعالى عنده أو يلقون فيه جزاء عملهم وهو يوم القيامة وقيل فأورثهم البخل نفاقا متمكنا في قلوبهم ولا يلائمه
(٨٥)