أي الذين قعدوا عن الغزو لما بهم من عذر «رضوا» استئناف لبيان سوء صنيعهم وعدم امتثالهم لكلا الأمرين وإن لم يردوا الأول صريحا «بأن يكونوا مع الخوالف» مع النساء اللاتي شأنهن القعود ولزوم البيوت جمع خالفة وقيل الخالفة من لا خير فيه «وطبع على قلوبهم فهم» بسبب ذلك «لا يفقهون» ما في الإيمان بالله وطاعته في أوامره ونواهيه واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم والجهاد من السعادة وما في أضداد ذلك من الشقاوة «لكن الرسول والذين آمنوا معه» بالله وبما جاء من عنده تعالى وفيه إيذان بأنهم ليسوا من الإيمان بالله في شيء وإن لم يعرضوا عنه صريحا إعراضهم عن الجهاد باستئذانهم في القعود «جاهدوا بأموالهم وأنفسهم» أي إن تخلف هؤلاء عن الغزو فقد نهد إليه ونهض له من هو خير منهم وأخلص نية ومعتقدا وأقاموا أمر الجهاد بكلا نوعيه كقوله تعالى فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين «وأولئك» المنعوتون بالنعوت الجليلة «لهم» بواسطة نعوتهم المزبورة «الخيرات» أي منافع الدارين النصر والغنيمة في الدنيا والجنة والكرامة في العقبى وقيل الحور كقوله عز قائلا فيهن خيرات حسان وهي جمع خيرة تخفيف خيرة «وأولئك هم المفلحون» أي الفائزون بالمطلوب لا من حاز بعضا من الحظوظ الفانية عما قليل وتكرير اسم الإشارة تنويه لشأنهم وربء لمكانهم «أعد الله لهم» استئناف لبيان كونهم مفلحين أي هيأ لهم في الآخرة «جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها» حال مقدرة من الضمير المجرور والعامل أعد «ذلك» إشارة إلى ما فهم من إعداد الله سبحانه لهم الجنات المذكورة من نيل الكرامة العظمى «الفوز العظيم» الذي لا فوز وراءه «وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم» شروع في بيان أحوال منافقي الأعراب إثر بيان منافقي أهل المدينة والمعذرون من عذر في الأمر إذا قصر فيه وتوانى ولم يجدو حقيقته أن يوهم أن له عذرا فيما يفعل ولا عذر له أو المعتذرون بإدغام التاء في الذال ونقل حركتها إلى العين وهم المعتذرون بالباطل وقرئ المعذرون من الأعذار وهو الاجتهاد في العذر والاحتشاد فيه قيل هم أسد وغطفان قالوا إن لنا عيالا وإن بنا لجهدا فائذن لنا في التخلف وقيل هم رهط عامر بن الطفيل قالوا إن غزونا معك أغارت أعراب طيء على أهالينا ومواشينا فقال صلى الله عليه وسلم
(٩١)