بهذا الاسم لذكر الدنيا بما يقابله من كونها معرضا للآفات أو إلى دار الله تعالى وتخصيص الإضافة التشريفية بهذا الاسم الكريم للتنبيه على ذلك أو إلى دار يسلم الله أو الملائكة فيها على من يدخلها أو يسلم بعضهم على بعض «ويهدي من يشاء» هدايته منهم «إلى صراط مستقيم» موصل إليها وهو الإسلام والتزود بالتقوى وفى تعميم الدعوة وتخصيص الهداية بالمشيئة دليل على أن الأمر غير الإرادة وأن من أصر على الضلالة لم يرد الله رشده «للذين أحسنوا» أي أعمالهم أي عملوها على الوجه اللائق وهو حسنها الوصفي المستلزم لحسنها الذاتي وقد فسره رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك «الحسنى» أي المثوبة الحسنى «وزيادة» أي وما يزيد على تلك المثوبة تفضلا لقوله عز اسمه ويزيدهم من فضله وقيل الحسنى مثل حسناتهم والزيادة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وأكثر وقيل الزيادة مغفرة من الله ورضوان وقيل الحسنى الجنة والزيادة اللقاء «ولا يرهق وجوههم» أي لا يغشاها «قتر» غبرة فيها سواد «ولا ذلة» أي أثر هوان وكسوف بال والمعنى لا يرهقهم ما يرهق أهل النار أو لا يرهقهم ما يوجب ذلك من الحزن وسوء الحال والتنكير للتحقير أي شئ منهما والجملة مستأنفة لبيان أمنهم من المكاره إثر بيان فوزهم بالمطالب والثاني وإن اقتضى الأول إلا أنه ذكر إذكارا بما ينقذهم الله تعالى منه برحمته وتقديم المفعول على الفاعل للاهتمام ببيان أن المصون من الرهق أشرف أعضائهم وللتشويق إلى المؤخر فإن ما حقه التقديم إذا أخر تبقى النفس مترقبة لوروده فعند وروده عليها يتمكن عندها فضل تمكن ولأن في الفاعل ضرب تفصيل كما في قوله تعالى يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وقوله عز وجل وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين «أولئك» إشارة إلى المذكورين باعتبار اتصافهم بالصفات المذكورة وما في اسم الإشارة من معنى البعد للإيذان بعلو درجتهم وسمو طبقتهم أي أولئك الموصوفون بما ذكر من النعوت الجميلة الفائزون بالمثوبات الناجون عن المكاره «أصحاب الجنة هم فيها خالدون» بلا زوال دائمون بلا انتقال «والذين كسبوا السيئات» أي الشرك والمعاصي وهو مبتدأ بتقدير المضاف خبره قوله تعالى «جزاء سيئة بمثلها» أي جزاء الذين كسبوا السيئات أن يجازى سيئة واحدة بسيئة مثلها لا يزاد عليها كما يزاد في الحسنة وتغيير السبك حيث لم يقل وللذين كسبوا السيئات السوأى لمراعاة ما بين الفريقين من كمال التنائى والتباين وإيراد الكسب للإيذان بأن ذلك إنما هو لسوء صنيعهم وبسبب جنايتهم على أنفسهم أو الموصول معطوف على الموصول الأول كأنه
(١٣٨)