يا رسول الله بعثت إليك لتستغفر لي لا لتؤنبني وسأله أن يكفنه في شعاره الذي بلى جلده ويصلي عليه فلما مات دعاه ابنه وكان مؤمنا صالحا فأجابه صلى الله عليه وسلم تسلية له ومراعاة لجانبه وأرسل إليه قميصه فكفن فيه فلما هم بالصلاة أو صلى نزلت وعن عمر رضي الله عنه أنه قال لما هلك عبد الله بن أبي ووضعناه ليصلي عليه قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أتصلي على عدو الله القائل يوم كذا كذا وكذا والقائل يوم كذا كذا وكذا وعددت أيامه الخبيثة فتبسم صلى الله عليه وسلم وصلى عليه ثم مشى معه وقام على حفرته حتى دفن فو الله ما لبث إلا يسيرا حتى نزل ولا تصل الخ فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك على منافق ولا قام على قبره وإنما لم ينه عن التكفين بقميصه صلى الله عليه وسلم لأن الضنة بالقميص كانت مظنة الإخلال بالكرم على أنه كان مكافأة لقميصه الذي كان ألبسه العباس رضي الله تعالى عنه حين أسر ببدر والخبر مشهور «إنهم كفروا بالله ورسوله» تعليل للنهي على معنى أن الاستغفار للميت والوقوف على قبره إنما يكون لاستصلاحه وذلك مستحيل في حقهم لأنهم استمروا على الكفر بالله ورسوله مدة حياتهم «وماتوا وهم فاسقون» أي متمردون في الكفر خارجون عن حدوده كما بين من معنى الفسق «ولا تعجبك أموالهم وأولادهم» تكرير لما سبق وتقرير لمضمونه بالإخبار بوقوعه ويجوز أن يكون هذا في حق فريق غير الفريق الأول وتقديم الأموال في أمثال هذه المواقع على الأولاد مع كونهم أعز منها إما لعموم مساس الحاجة إليها بحسب الذات وبحسب الأفراد والأوقات فإنها مما لا بد منه لكل أحد من الآباء والأمهات والأولاد في كل وقت وحين حتى أن من له أولاد ولا مال له فهو وأولاده في ضيق ونكال وأما الأولاد فإنما يرغب فيهم من بلغ مبلغ الأبوة وإما لأن المال مناط لبقاء النفس والأولاد لبقاء النوع وإما لأنها أقدم في الوجود من الأولاد لأن الأجزاء المنوية إنما تحصل من الأغذية كما سيأتي في سورة الكهف «أنما يريد الله» بما متعهم به من الأموال والأولاد «أن يعذبهم بها في الدنيا» بسبب معاناتهم المشاق ومكابدتهم الشدائد في شأنها «وتزهق أنفسهم وهم كافرون» أي فيموتوا كافرين باشتغالهم بالتمتع بها والالتهاء عن النظر والتدبر في العواقب «وإذا أنزلت سورة» من القرآن ويجوز أن يراد بها بعضها «أن آمنوا بالله» أن مفسرة لما في الإنزال من معنى القول والوحي أو مصدرية حذف عنها الجار أي بأن آمنوا «وجاهدوا مع رسوله» لإعزاز دينه وإعلاء كلمته «استأذنك أولوا الطول منهم» أي ذوو الفضل والسعة والقدرة على الجهاد بدنا ومالا «وقالوا» عطف تفسيري لاستأذنك مغن عن ذكر ما استأذنوا فيه يعني القعود «ذرنا نكن مع القاعدين»
(٩٠)