تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٢٠٩
«وقال» أي نوح عليه الصلاة والسلام لمن معه من المؤمنين كما ينبيء عنه قوله تعالى إن ربي لغفور رحيم ولو رجع الضمير إلى الله تعالى لناسب أن يقال إن ربكم ولعل ذلك بعد إدخال ما أمر بحمله في الفلك من الأزواج كأنه قيل فحمل الأزواج أو أدخلها في الفلك وقال للمؤمنين «اركبوا فيها» كما سيأتي مثله في قوله تعالى وهي تجري بهم والركوب العلو على شيء متحرك ويتعدى بنفسه واستعماله ههنا بكلمة في ليس لأن المأمور به كونهم في جوفها لا فوقها كما ظن فإن أظهر الرويات أنه عليه السلام جعل الوحوش ونظائر في البطن الأسفل والأنعام في الأوسط وركب هو ومن معه في الأعلى بل لرعاية جانب المحلية والمكانية في الفلك والسر فيه أن معنى الركوب العلو على شيء له حركة إما إرادية كالحيوان أو قسرية السفينة والعجلة ونحوهما فإذا استعمل في الأول يوفر له حظ الأصل فيقال ركبت الفرس وعليه قوله عز من قائل والخيل والبغال والحمير لتركبوها وإن استعمل في الثاني يلوح بمحلية المفعول بكلمة في فيقال ركبت في السفينة وعليه الآية الكريمة وقوله عز وجل قائلا فإذا ركبوا في الفلك وقوله تعالى فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها «بسم الله» متعلق باركبوا حال من فاعله أي اركبوا مسمين الله تعالى أو قائلين بسم الله «مجراها ومرساها» نصب على الظرفية أي وقت إجرائها وإرسائها على أنهما اسما زمان أو مصدران كالإجراء والإرساء بحذف الوقت كقولك آتيك حقوق النجم أو اسما مكان انتصبا بما في بسم الله من معنى الفعل أو إرادة القول ويجوز أن يكون بسم الله مجريها ومرساها مستقلة من مبتدأ وخبر في موضع الحال من ضمير الفلك أي اركبوا فيها مجراة ومرساة باسم الله بمعنى التقدير كقوله تعالى ادخلوها خالدين أو جملة مقتضبة على أن نوحا أمرهم بالركوب فيها ثم أخبرهم بأن إجراءها وإرساءها بسم الله تعالى فيكونان كلامين له عليه الصلاة والسلام قيل كان عليه السلام إذا أراد أن يجريها يقول بسم الله فتجري وإذا أراد أن يرسيها يقول بسم الله فترسو ويجوز أن يكون الاسم مقحما كما في قوله وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول ثم أسم السلام عليكما ويراد بالله إجراؤها وإرساؤها اي بقدرته وأمره وقريء مجريها ومرسيها على صيغة الفاعل مجروري المحل صفتين لله عز وجل ومجراها ومرساها بفتح الميم مصدرين أو زمانين أو مكانين من جرى ورسا «إن ربي لغفور» للذنوب والخطايا «رحيم» لعباده ولذلك نجاكم من هذه الطامة والداهية العامة ولولا ذلك لما فعله وفيه دلالة على أن نجاتهم ليست بسبب استحقاقهم لها بل بمحض فضل الله سبحانه وغفرانه ورحمته على ما عليه رأى أهل السنة «وهي تجري بهم» متعلق بمحذوف دل عليه الأمر بالركوب أي فركبوا فيها مسمين وهي تجري ملتبسة لهم «في موج
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308