تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٣٠٨
أبيه ثلاثا وعشرين سنة فلما تم أمره وعلم أنه لا يدوم له تاقت نفسه إلى الملك الدائم الخالد فتمنى الموت فقال «رب قد آتيتني من الملك» أي بعضا منه عظيما وهو ملك مصر «وعلمتني من تأويل الأحاديث» أي بعضا من ذلك كذلك إن أريد بتعليم تأويل الأحاديث تفهيم غوامض أسرار الكتب الإلهية ودقائق سنن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فالترتيب ظاهر وأما إن أريد به تعليم تعبير الرؤيا كما هو الظاهر فلعل تقديم إيتاء الملك عليه في الذكر لأنه بمقام تعداد النعم الفائضة عليه من الله سبحانه والملك أعرق في كونه نعمة من التعليم المذكور وإن كان ذلك أيضا نعمة جليلة في نفسه ولا يمكن تمشية هذا الاعتذار فيما سبق لأن التعليم هناك وارد على نهج العلة الغائية للتمكين فإن حمل على معنى التمليك لزم تأخره عنه وأما الواقع ههنا فمجرد التأخير في الذكر والعطف بحرف الواو لا يستدعى ذلك الترتيب في الوجود «فاطر السماوات والأرض» مبدعهما وخالقهما نصب على أنه صفة للمنادى أو منادى آخر وصفه تعالى به بعد وصفه بالربوبية مبالغة في ترتيب مبادى ما يعقبه من قوله «أنت وليي» مالك أموري «في الدنيا والآخرة» أو الذي يتولاني بالنعمة فيهما وإذ قد أتممت علي نعمة الدنيا «توفني» اقبضني «مسلما وألحقني بالصالحين» من آبائي أو بعامة الصالحين في الرتبة والكرامة فإنما تتم النعمة بذلك قيل لما دعا توفاه الله عز وجل طيبا طاهرا فتخاصم أهل مصر في دفنه وتشاحوا في ذلك حتى هموا بالقتال فرأوا أن يصنعوا له تابوتا من مرمر فجعلوه فيه ودفنوه في النيل ليمر عليه ثم يصل إلى مصر ليكونوا شرعا واحدا في التبرك به وولد له أفراييم وميشا ولإفراييم نون ولنون يوشع فتى موسى عليه الصلاة والسلام ولقد توارثت الفراعنة من العمالقة بعده مصر ولم يزل بنو إسرائيل تحت أيديهم على بقايا دين يوسف وآبائه إلى أن بعث الله تعالى موسى عليه الصلاة والسلام «ذلك» إشارة إلى ما سبق من نبأ يوسف وما فيه من معنى البعد لما مر مرارا من الدلالة على بعد منزلته أو كونه بالإنقضاء في حكم البعيد والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم وهو مبتدأ خبره «من أنباء الغيب» الذي لا يحوم حوله أحد وقوله «نوحيه إليك» خبر بعد خبر أو حال من الضمير في الخبر ويجوز أن يكون ذلك اسما موصولا ومن أنباء الغيب صلته ويكون الخبر نوحيه إليك «وما كنت لديهم» يريد إخوة يوسف عليه الصلاة والسلام «إذ أجمعوا أمرهم» وهو جعلهم إياه في غيابة الجب «وهم يمكرون» به ويبغون له الغوائل حتى تقف على ظواهر أسرارهم وبواطنها وتطلع على سرائرهم طرا وتحيط بما لديهم خبرا وليس المراد مجرد نفي حضوره عليه الصلاة والسلام في مشهد إجماعهم ومكرهم فقط بل في سائر المشاهد أيضا وإنما تخصيصه بالذكر لكونه مطلع القصة وأخفى أحوالها كما ينبئ عنه قوله وهم يمكرون والخطاب وإن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكن
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308