سيغنيني الله تعالى عنكم وعن مجاهد نفر من غفار اعتذروا فلم يعذرهم الله سبحانه وعن قتادة اعتذروا بالكذب وقرئ المعذرون بتشديد العين والذال من تعذر بمعنى اعتذر وهو لحن إذ التاء لا تدغم في العين إدغامها في الطاء والزاء والصاد في المطوعين وأزكى وأصدق وقيل أريد بهم المعتذرون بالصحة وبه فسر المعذرون والمعذرون أي الذين لم يفرطوا في العذر «وقعد الذين كذبوا الله ورسوله» وهم منافقو الأعراب الذين لم يجيئوا ولم يعتذروا فظهر أنهم كذبوا الله ورسوله في ادعاء الإيمان والطاعة «سيصيب الذين كفروا منهم» أي من الأعراب أو من المعذرين فإن منهم من اعتذر لكسله لا لكفره «عذاب أليم» بالقتل والأسر في الدنيا والنار في الآخرة ب «ليس على الضعفاء ولا على المرضى» كالهرمى والزمني «ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون» لفقرهم كمزينة وجهينة وبني عذرة «حرج» إثم في التخلف «إذا نصحوا لله ورسوله» وهو عبارة عن الإيمان بهما والطاعة لهما في السر والعلن وتوليهما في السراء والضراء والحب فيهما والبغض فيهما كما يفعل المولى الناصح بصاحبه «ما على المحسنين من سبيل» استئناف مقرر لمضمون ما سبق أي ليس عليهم جناح ولا إلى معاتبتهم سبيل ومن مزيدة للتأكيد ووضع المحسنين موضع الضمير للدلالة على انتظامهم بنصحهم لله ورسوله في سلك المحسنين أو تعليل لنفي الحرج عنهم أي ما على جنس المحسنين من سبيل وهم من جملتهم «والله غفور رحيم» تذييل مؤيد لمضمون ما ذكر مشير إلى أن بهم حاجة إلى المغفرة وإن كان تخلفهم بعذر «ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم» عطف على المحسنين كما يؤذن به قوله عز وجل فيما سيأتي إنما السبيل الآية وقيل عطف على الضعفاء وهم البكاءون سبعة من الأنصار معقل بن يسار وصخر ابن خنساء وعبد الله بن كعب وسالم بن عمير وثعلبة بن غنمة وعبد الله بن معقل وعلبة بن زيد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا نذرنا الخروج فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة نغز معك فقال صلى الله عليه وسلم لا أجد فتولوا وهم يبكون وقيل هم بنو مقر معقل وسويد ونعمان وقيل أبو موسى الأشعري وأصحابه رضي الله تعالى عنهم «قلت لا أجد ما أحملكم عليه» حال من الكاف في أتوك بإضمار قد وما عامة لما سألوه صلى الله عليه وسلم وغيره مما يحمل عليه عادة وفي إيثار لا أجد على ليس عندي من تلطيف الكلام وتطييب قلوب السائلين ما لا يخفي كأنه صلى الله عليه وسلم يطلب ما يسألونه على الاستمرار فلا يجده «تولوا» جواب إذا «وأعينهم تفيض» أي تسيل بشدة «من الدمع» أي دمعا فإن من البيانية مع مجرورها في حيز النصب على التمييز وهو أبلغ من يفيض دمعها لإفادتها أن العين بعينها صارت دمعا فياضا والجملة حالية وقوله عز اسمه «حزنا» نصب على العلية أو الحالية أو المصدرية لفعل دل عليه ما قبله أي تفيض للحزن فإن الحزن يسند إلى العين مجازا
(٩٢)