سورة الأنفال مدنية وهي خمس وسبعون آية «بسم الله الرحمن الرحيم» «يسألونك عن الأنفال» النفل الغنيمة سميت به لأنها عطية من الله تعالى زائدة على ما هو أصل الأجر في الجهاد من الثواب الأخروي ويطلق على ما يعطي بطريق التنفيل زيادة على السهم من المغنم وقرئ علنفال بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام وإدغام نون عن في اللام روى أن المسلمين اختلفوا في غنائم بدر وفي قسمتها فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تقسم ولمن الحكم فيها للمهاجرين أم للأنصار أم لهم جميعا وقيل أن الشباب قد أبلوا يومئذ بلاء حسنا فقتلوا سبعين وأسروا سبعين فقالوا نحن المقاتلون ولنا الغنائم وقال الشيوخ والوجوه الذين كانوا عند الرايات كنا ردءا لكم وفئة تنحازون إليها حتى قال سعد بن معاذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما منعنا أن نطلب ما طلب هؤلاء زهادة في الأجر ولا جبن من العدو ولكن كرهنا أن نعرى مصافك فيعطف عليك خيل من المشركين فنزلت وقيل كان النبي صلى الله عليه وسلم قد شرط لمن كان له بلاء أن ينفله ولذلك فعل الشبان ما فعلوا من القتل والأسر فسألوه صلى الله عليه وسلم ما شرطه لهم فقال الشيوخ المغنم قليل والناس كثير وإن تعط هؤلاء ما شرطت لهم حرمت أصحابك فنزلت والأول هو الظاهر لما أن السؤال استعلام لحكم الأنفال بقضية كلمة عن لا استعطاء لنفسها كما نطق به الوجه الأخير وادعاء زيادة عن تعسف ظاهر والاستدلال عليه بقراءة ابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وعلي بن الحسين وزيد ومحمد الباقي وجعفر الصادق وعكرمة وعطاء يسألونك الأنفال غير منتهض فإن مبناها كما قالوا على الخذف والإيصال كما يعرب عنه الجواب بقوله عز وجل «قل الأنفال لله والرسول» أي حكمها مختص به تعالى بقسمها الرسول صلى الله عليه وسلم كيفما أمر به من غير أن يدخل فيه رأي أحد ولو كان السؤال استعطاء لما كان هذا جوابا له فإن اختصاص حكم ما شرط لهم من الأنفال بالله والرسول لا ينافي إعطاءها إياهم بل يحققه لأنهم إنما يسألونها بموجب شرط الرسول صلى الله عليه وسلم الصادر عنه بإذن الله تعالى لا بحكم سبق أيديهم إليها ونحو ذلك مما يخل بالاختصاص المذكور وحمل الجواب على معنى أن الأنفال بالمعنى المذكور مختصة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا حق فيها للمنفل كائنا من كان مما لا سبيل إليه قطعا ضرورة ثبوت الاستحقاق بالتنفيل وادعاء أن ثبوته بدليل متأخر التزام لنكرر النسخ من غير علم بالناسخ
(٢)