للاستخلاف وقيل منصوب على أنه مفعول به أي أي عمل تعملون أخيرا أم شرا فنعاملكم بحسبه فلا يكون في كلمة كيف حينئذ دلالة على أن المعتبر في الجزاء جهات الأعمال وكيفياتها لا ذواتها كما هو رأى القائل بل تكون حينئذ مستعارة لمعنى أي شئ «وإذا تتلى عليهم» التفات من خطابهم إلى الغيبة إعراضا عنهم وتوجيها لخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعديد جناياتهم المضادة لما أريد منهم بالاستخلاف من تكذيب الرسول والكفر بالآيات البينات وغير ذلك كدأب من قبلهم من القرون المهلكة وصيغة المضارع للدلالة على تجدد جوابهم الآتي حسب تجدد التلاوة «آياتنا» الدالة على حقية التوحيد وبطلان الشرك والإضافة لتشريف المضاف والترغيب في الإيمان به والترهيب عن تكذيبه «بينات» حال كونها واضحات الدلالة على ذلك وإيراد فعل التلاوة مبنيا للمفعول مسندا إلى الآيات دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ببنائه للفاعل للإشعار بعدم الحاجة لتعين التالي وللإيذان بأن كلامهم في نفس المتلو دون التالي «قال الذين لا يرجون لقاءنا» وضع الموصول موضع الضمير إشعارا بعلية ما في حيز الصلة للعظيمة المحكية عنهم وأنهم إنما اجترءوا عليها لعدم خوفهم من عقابه تعالى يوم اللقاء لإنكارهم له ولما هو من مباديه من البعث وذما لهم بذلك أي قالوا لمن يتلوها عليهم وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما لم يذكر إيذانا بتعينه «ائت بقرآن غير هذا» أشاروا بهذا إلى القرآن المشتمل على تلك الآيات لا إلى نفسها فقط قصدا إلى إخراج الكل من البين أي ائت بكتاب آخر نقرؤه ليس فيه ما نستبعده من البعث والحساب والجزاء وما نكرهه من ذم آلهتنا ومعايبها والوعيد على عبادتها «أو بدله» بتغيير ترتيبه بأن تجعل مكان الآية المشتملة على ذلك آية أخرى خالية عنها وإنما قالوه كيدا وطمعا في المساعدة ليتوسلوا به إلى الإلزام والاستهزاء به «قل» لهم «ما يكون لي» أي ما يصح وما يستقيم لي ولا يمكنني أصلا «أن أبدله من تلقاء نفسي» أي من قبل نفسي وهو مصدر استعمل ظرفا وقرئ بفتح التاء وقصر الجواب ببيان امتناع ما اقترحوه على اقتراحهم الثاني للإيذان بأن استحالة ما اقترحوه أو لا من الظهور بحيث لا حاجة إلى بيانها وأن التصدي لذلك مع كونه ضائعا ربما يعد من قبيل المجاراة مع السفهاء إذا لا يصدر مثل ذلك الاقتراح عن العقلاء ولأن ما يدل على استحالة الثاني يدل على استحالة الأول بالطريق الأولى «إن أتبع» أي ما أتبع في شئ مما آتى وأذر «إلا ما يوحى إلي» من غير تغيير له في شئ أصلا على معنى قصر حاله صلى الله عليه وسلم على اتباع ما يوحى إليه لا قصر اتباعه على ما يوحى إليه كما هو المتبادر من ظاهر العبارة كأنه قيل ما أفعل إلا اتباع ما يوحى إلى وقد مر تحقيق المقام في سورة الأنعام وهو تعليل لصدر الكلام فإن من شأنه اتباع الوحي على ما هو عليه لا يستبد بشئ دونه قطعا وفيه جواب للنقض بنسخ بعض الآيات ببعض ورد لما عرضوا به صلى الله عليه وسلم
(١٢٨)