تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٢٦
الحكمة فنتركهم إمهالا واستدراجا «في طغيانهم» الذي هو عدم رجاء اللقاء وإنكار البعث والجزاء وما يتفرع على ذلك من أعمالهم السيئة ومقالاتهم الشنيعة «يعمهون» أي يترددون ويتحيرون ففي وضع الموصول موضع الضمير نوع بيان للطغيان بما في حيز الصلة وإشعار بعليته للترك والاستدراج «وإذا مس الإنسان الضر» أي أصابه جنس الضر من مرض وفقر وغيرهما من الشدائد إصابة يسيره «دعانا» لكشفه وإزالته «لجنبه» حال من فاعل دعا بشهادة ما عطف عليه من الحالين واللام بمعنى على كما في قوله تعالى يخرون للأذقان أي دعانا كائنا على جنبه أي مضطجعا «أو قاعدا أو قائما» أي في جميع الأحوال مما ذكر وما لم يذكر وتخصيص المعدودات بالذكر لعدم خلو الإنسان عنها عادة أو دعانا في جميع أحوال مرضه على أنه المراد بالضر خاصة مضطجعا عاجزا عن القعود وقاعدا غير قادر على النهوض وقائما لا يستطيع الحراك «فلما كشفنا عنه ضره» الذي مسه غب ما دعانا حسبما ينبئ عنه الفاء «مر» أي مضى واستمر على طريقته التي كان ينتحيها قبل مساس الضر ونسي حالة الجهد والبلاء أو مر عن موقف الضراعة والابتهال ونأى بجانبه «كأن لم يدعنا» أي كأنه لم يدعنا فخفف وحذف ضمير الشأن كما في قوله * كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا * والجملة التشبيهية في محل النصب على الحالية من فاعل مر أي مر مشبها بمن لم يدعنا «إلى ضر» أي إلى كشف ضر «مسه» وهذا وصف للجنس باعتبار حال بعض أفراده ممن هو متصف بهذه الصفات «كذلك» نصب على المصدرية وذلك إشارة إلى مصدر الفعل الآتي وما فيه من معنى البعد للتفخيم والكاف مقحمة للدلالة على زيادة فخامة المشار إليه إقحاما لا يكاد يترك في لغة العرب ولا في غيرها ومن ذلك قولهم مثلك لا يبخل مكان أنت لا تبخل أي مثل ذلك التزيين العجيب «زين للمسرفين» أي للموصوفين بما ذكر من الصفات الذميمة وإسرافهم لما أن الله تعالى إنما أعطاهم القوى والمشاعر ليصرفوها إلى مصارفها ويستعملوها فيما خلقت له من العلوم والأعمال الصالحة فلما صرفوها إلى ما لا ينبغي وهى رأس مالهم فقد أتلفوها وأسرفوا إسرافا ظاهرا والتزيين إما من جهة الله سبحانه على طريقة التخلية والخذلان أو من الشيطان بالوسوسة والتسويل «ما كانوا يعملون» من الإعراض عن الذكر والدعاء والانهماك في الشهوات وتعلق الآية الكريمة بما قبلها من حيث إن في كل منهما إملاء للكفرة على طريقة الاستدراج بعد الإنقاذ من الشر المقدر في الأولى ومن الضر المقرر في الأخرى «ولقد أهلكنا القرون» أي القرون الخالية مثل قوم نوح وعاد وأضرابهم ومن في قوله تعالى «من قبلكم» متعلقة بأهلكنا أي أهلكناهم من قبل زمانكم والخطاب لأهل مكة على طريقة الالتفات
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308