بفعل حرام أو بترك واجب «تجري من تحتهم الأنهار» أي بين أيديهم كقوله سبحانه وهذه الأنهار تجرى من تحتي أو تجرى وهم على سرر مرفوعة وأرائك مصفوفة والجملة مستأنفة أو خبر ثان لأن أو حال من مفعول يهديهم على تقدير كونه المهدى إليه ما يريدونه في الجنة كما قيل وقيل يهديهم ويسددهم للاستقامة على سلوك السبيل المؤدى إلى الثواب والجنة وقوله تجرى من تحتهم الأنهار جار مجرى التفسير والبيان فإن التمسك بحبل السعادة في حكم الموصول إليها وقيل يهديهم إلى إدراك الحقائق البديعة بحسب القوة العملية كما قال صلى الله عليه وسلم من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم «في جنات النعيم» خبر آخر أو حال أخرى منه أو من الأنهار أو متعلق بتجرى أو بيهدى فالمراد بالمهدى إليه إما منازلهم في الجنة أو ما يريدونه فيها «دعواهم» أي دعاؤهم وهو مبتدأ وقوله عز وجل فيها متعلق به وقوله تعالى «سبحانك اللهم» خبره أي دعاؤهم هذا الكلام وهو معمول لمقدر لا يجوز إظهاره والمعنى اللهم إنا نسبحك تسبيحا ولعلهم يقولونه عندما عاينوا فيها من تعاجيب اثار قدرته تعالى ونتائج رحمته ورأفته ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر تقديسا لمقامه تعالى عن شوائب العجز والنقصان وتنزيها لوعده الكريم عن سمات الخلف «وتحيتهم فيها» التحية التكرمة بالحالة الجليلة أصلها أحياك الله حياة طيبة أي ما يحيى به بعضهم بعضا أو تحية الملائكة إياهم كما في قوله تعالى والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام أو تحية الله عز وجل لهم كما في قوله تعالى سلام قولا من رب رحيم «سلام» أي سلامة عن كل مكروه «وآخر دعواهم» أي خاتمة دعائهم «أن الحمد لله رب العالمين» أي أن يقولوا ذلك نعتا له عز وجل بصفات الإكرام إثر نعته تعالى بصفات الجلال أي دعاؤهم منحصر فيما ذكر إذ ليس لهم مطلب مترقب حتى ينظموه في سلك الدعاء وأن هي المخففة من أن المثقلة أصله أنه الحمد لله فحذف ضمير الشأن كما في قوله أن هالك كل من يحفى وينتعل وقرئ أن الحمد لله بالتشديد ونصل الحمد ولعل توسيط ذكر تحيتهم عند الحكاية بين دعائهم وخاتمته للتوسل إلى ختم الحكاية بالتحميد تركا مع أن التحية ليست بأجنبية على الإطلاق ودعوى كون ترتيب الوقوع أيضا كذلك بأن كانوا حين دخلوا الجنة وعاينوا عظمة الله تعالى وكبرياءه مجدوه ونعتوه بنعوت الجلال ثم حياهم الملائكة بالسلامة من الآفات والفوز بأصناف الكرامات أو حياهم بذلك رب العزة فحمدوه تعالى وأثنوا عليه يأباها إضافة الآخر إلى دعواهم وقد جوز أن يكون المراد بالدعاء العبادة كما في قوله تعالى وأعتزلكم وما تدعون الخ إيذانا بأن لا تكليف في الجنة أي ما عبادتهم إلا أن يسبحوه ويحمدوه وليس ذلك بعبادة إنما يلهمونه وينطقون به تلذذا ولا يساعده تعيين الخاتمة «ولو يعجل الله للناس» هم الذين لا يرجون لقاء الله تعالى لإنكارهم البعث وما يترتب عليه
(١٢٤)