تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٣٢
فعينوا لذلك الروح صنما معينا من الأصنام واشتغلوا بعبادته ومقصودهم ذلك الروح ثم اعتقدوا أن ذلك الروح يكون عند الإله الأعظم مشتغلا بعبوديته وقيل إنهم كانوا يعبدون الكواكب فوضعوا لها أصناما معينة واشتغلوا بعبادتها قصدا إلى عبادة الكواكب وقيل إنهم وضعوا طلسمات معينة على تلك الأصنام ثم تقربوا إليها وقيل إنهم وضعوا هذه الأصنام على صور أنبيائهم وأكابرهم وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل فإن أولئك الأكابر يشفعون لهم عند الله تعالى «قل» تبكيتا لهم «أتنبئون الله بما لا يعلم» أي أتخبرونه بما لا وجود له أصلا وهو كون الأصنام شفعاءهم عند الله تعالى إذ لولاه لعلمه علام الغيوب وفيه تقريع لهم وتهكم بهم وبما يدعونه من المحال الذي لا يكاد يدخل تحت الصحة والإمكان وقرئ أتنبيون بالتخفيف وقوله تعالى «في السماوات ولا في الأرض» حال من العائد المحذوف في يعلم مؤكدة للنفي لأن ما لا يوجد فيهما فهو منتف عادة «سبحانه وتعالى عما يشركون» عن إشراكهم المستلزم لتلك المقالة الباطلة أو عن شركائهم الذين يعتقدونهم شفعاءهم عند الله تعالى وقرئ تشركون بتاء الخطاب على أنه من جملة القول المأمور به وعلى الأول هو اعتراض تذييلى من جهته سبحانه وتعالى «وما كان الناس إلا أمة واحدة» بيان لأن التوحيد والإسلام ملة قديمة أجمعت عليها الناس قاطبة فطرة وتشريعا وأن الشرك وفروعه جهالات ابتدعها الغواة خلافا للجمهور وشقا لعصا الجماعة وأما حمل اتخاذهم على الاتفاق على الضلال عند الفترة واختلافهم على ما كان منهم من الاتباع والإصرار فمما لا احتمال له أي وما كان الناس كافة من أول الأمر إلا متفقين على الحق والتوحيد من غير اختلاف وذلك من عهد آدم عليه الصلاة والسلام إلى أن قتل قابيل هابيل وقيل إلى زمن إدريس عليه السلام وقيل إلى زمن نوح عليه السلام وقيل من حين الطوفان حين لم يذر الله من الكافرين ديارا إلى أن ظهر فيما بينهم الكفر وقيل من لدن إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى أن أظهر عمرو بن لحى عبادة الأصنام فالمراد بالناس العرب خاصة وهو الأنسب بإيراد الآية الكريمة إثر حكاية ما حكى عنهم من الهنات وتنزيه ساحة الكبرياء عن ذلك «فاختلفوا» بأن كفر بعضهم وثبت آخرون على ما هم عليه فخالف كل من الفريقين الآخر لا أن كلا منهما أحدث ملة على حدة من ملل الكفر مخالفة لملة الآخر فإن الكلام ليس في ذلك الاختلاف إذ كل منهما مبطل حينئذ فلا يتصور أن يقضى بينهما بإبقاء المحق وإهلاك المبطل والفاء التعقيبية لا تنافى امتداد زمان الاتفاق إذ المراد بيان وقوع الاختلاف عقيب انصرام مدة الاتفاق لا عقيب حدوث الاتفاق «ولولا كلمة سبقت من ربك» بتأخير القضاء بينهم أو بتأخير العذاب الفاصل بينهم إلى يوم القيامة فإنه يوم الفصل «لقضي بينهم» عاجلا «فيما فيه يختلفون» بتمييز الحق من الباطل بإبقاء المحق وإهلاك المبطل وصيغة الاستقبال لحكاية الحال الماضية وللدلالة على الاستمرار
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308