تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ١٣٣
«ويقولون» حكاية لجناية أخرى لهم معطوفة على قوله تعالى ويعبدون وصيغة المضارع لاستحضار صورة مقالتهم الشنعاء والدلالة على الاستمرار والقائلون أهل مكة «لولا أنزل عليه آية من ربه» أرادوا آية من الآيات التي اقترحوها كأنهم لفرط العتو والفساد ونهاية التمادي في المكابرة والعناد لم يعدوا البينات النازلة عليه صلى الله عليه وسلم من جنس الآيات واقترحوا غيرها مع أنه قد أنزل عليه من الآيات الباهرة والمعجزات المتكاثرة ما يضطرهم إلى الانقياد والقبول لو كانوا من أرباب العقول «فقل» لهم في الجواب «إنما الغيب لله» اللام للاختصاص العلمي دون التكويني فإن الغيب والشهادة في ذلك الاختصاص سيان والمعنى أن ما اقترحتموه وزعمتم أنه من لوازم النبوة وعلقتم إيمانكم بنزوله من الغيوب المختصة بالله تعالى لا وقوف لي عليه «فانتظروا» نزوله «إني معكم من المنتظرين» أي لما يفعل الله بكم لاجترائكم على مثل هذه العظيمة من جحود الآيات واقتراح غيرها وجعل الغيب عبارة عن الصارف عن إنزال الآيات المقترحة يأباه ترتيب الأمر بالانتظار على اختصاص الغيب به تعالى «وإذا أذقنا الناس رحمة» صحة وسعة «من بعد ضراء مستهم» أي خالطتهم حتى أحسوا بسوء أثرها فيهم وإسناد المساس إلى الضراء بعد إسناد الإذاقة إلى ضمير الجلالة من الآداب القرآنية كما في قوله تعالى وإذا مرضت فهو يشفين ونظائره قيل سلط الله تعالى على أهل مكة القحط سبع سنين حتى كادوا يهلكون ثم رحمهم بالحيا فطفقوا يطعنون في آياته تعالى ويعادون رسوله صلى الله عليه وسلم ويكيدونه وذلك قوله تعالى «إذا لهم مكر في آياتنا» أي بالطعن فيها وعدم الاعتداد بها والاحتيال في دفعها وإذا الأولى شرطية والثانية جوابها كأنه قيل فاجؤوا وقع المكر منهم وتنكير مكر للتفخيم وفى متعلقة بالاستقرار الذي يتعلق به اللام «قل الله أسرع مكرا» أي أعجل عقوبة أي عذابه أسرع وصولا إليكم مما يأتي منكم في دفع الحق وتسمية العقوبة بالمكر لوقوعها في مقابلة مكرهم وجودا أو ذكرا «إن رسلنا» الذين يحفظون أعمالكم والإضافة للتشريف «يكتبون ما تمكرون» أي مكركم أو ما تمكرونه وهو تحقيق للانتقام منهم وتنبيه على أن ما دبروا في إخفائه غير خاف على الحفظة فضلا عن العليم الخبير وصيغة الاستقبال في الفعلين للدلالة على الاستمرار التجددي والجملة تعليل من جهته تعالى لأسرعية مكره سبحانه غير داخل في الكلام الملقن كقوله تعالى ولو جئنا بمثله مددا فإن كتابة الرسل لما يمكرون من مبادئ بطلان مكرهم وتخلف أثره عنه بالكلية وفيه من المبالغة ما لا يوصف وتلوين الخطاب بصرفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم للتشديد في التوبيخ وقرئ على لفظ الغيبة فيكون حينئذ تعليلا لما ذكر أو للأمر
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308